وبه تعلم أن الشرط المزعوم في قوله * (إن كان للرحمان ولد) * إنما يعلق به محال لاستحالة كون الرحمن ذا ولد.
ومعلوم أن المحال لا يعلق عليه إلا المحال.
فتعليق عبادة الله التي هي أصل الدين على كونه ذا ولد ظهور فساده كما ترى، وإنما تصدق الشرطية في مثل هذا لو كان المعلق عليه مستحيلا، فادعاء أن (إن) في الآية شرطية مثل ما لو قيل: لو كان معه آلهة لكنت أول العابدين له، وهذا لا يصدق بحال، لأن واحدا من آلهة متعددة، لا يمكن أن يعبد، فالربط بين طرفيها مثل هذه القضية لا يصح بحال.
ويتضح لك ذلك بمعنى قوله: * (وما كان معه من إله إذا لذهب كل إلاه بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) *.
فإن قوله إذا: أي لو كان معه غيره من الآلهة، لذهب كل واحد منهم بما خلق واستقل به، وغالب بعضهم بعضا ولم ينتظم للسماوات والأرض نظام ولفسد كل شيء.
كما قال تعالى: * (لو كان فيهمآ آلهة إلا الله لفسدتا) *، وقوله تعالى: * (قل لو كان معه ءالهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلا) * على الصحيح الذي هو الحق من التفسيرين.
ومعنى ابتغائهم إليه تعالى سبيلا هو طلبهم طريقا إلى مغالبته كما يفعله بعض الملوك مع بعضهم.
والحاصل: أن الشرط إن علق به مستحيل فلا يمكن أن يصح الربط بينه وبين الجزاء، إلا إذا كان الجزاء مستحيلا أيضا لأن الشرط المستحيل لا يمكن أن يوجد به إلا الجزاء المستحيل.
أما كون الشرط مستحيلا والجزاء هو أساس الدين وعماد الأمر. فهذا مما لا يصح بحال.
ومن ذهب إليه من أهل العلم والدين لا شك في غلطه. ولا شك في أن كل شرطية صدقت مع بطلان مقدمها الذي هو الشرط وصحة تاليها