بعباده خبير بصير) * وقوله تعالى: * (إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما) *.
وقد أوضح تعالى حكمة هذا التفاضل، والتفاوت في الأرزاق، والحظوظ والقوة والضعف، ونحو ذلك، بقوله هنا * (ليتخذ بعضهم بعضا سخريا) *، كما تقدم.
وقوله تعالى هنا * (ورحمة ربك خير مما يجمعون) *. يعني أن النبوة، والاهتداء يهدي الأنبياء، وما يناله المهتدون يوم القيامة، خير مما يجمعه الناس في الدنيا من حطامها.
وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى، في غير هذا الموضع، كقوله في سورة يونس * (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) * وقوله تعالى في آل عمران * (ولئن قتلتم فى سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) *.
مسألة دلت هذه الآيات الكريمة، المذكورة هنا، كقوله تعالى: * (نحن قسمنا بينهم معيشتهم) *. وقوله * (والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق) * ونحو ذلك من الآيات، على أن تفاوت الناس في الأرزاق، والحظوظ سنة، من سنن الله السماوية الكونية، القدرية، لا يستطيع أحد من أهل الأرض، البتة تبديلها، ولا تحويلها، بوجه من الوجوه، * (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) *.
وبذلك تحقق أن ما يتذرع به الآن الملاحدة المنكرون لوجود الله، ولجميع النبوات، والرسائل السماوية، إلى ابتزاز ثروات الناس، ونزع ملكهم الخاص، عن أملاكهم بدعوى المساواة بين الناس، في معايشهم أمر باطل. لا يمكن بحال من الأحوال.
مع أنهم لا يقصدون ذلك الذي يزعمون. وإنما يقصدون استئثارهم، بأملاك جميع الناس، ليتمتعوا بها ويتصرفوا فيها، كيف شاءوا، تحت ستار كثير من أنواع الكذب، والغرور والخداع، كما يتحققه كل عاقل مطلع على سيرتهم، وأحوالهم مع المجتمع في بلادهم.