أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ١٠٣
أسلمت لرب العالمين ووصى بهآ إبراهيم بنيه ويعقوب يابنى إن الله اصطفى لكم الدين) *.
والأمر الثاني هو سؤاله ربه تعالى لذريته الإيمان والصلاح، كقوله تعالى * (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتى) *، أي واجعل من ذريتي أيضا أئمة، وقوله تعالى عنه * (رب اجعلنى مقيم الصلواة ومن ذريتى) * وقوله عنه * (واجنبنى وبنى أن نعبد الا صنام) * وقوله عنه هو وإسماعيل * (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنآ أمة مسلمة لك) * إلى قوله * (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم) *.
وقد أجاب الله دعاءه في بعث الرسول المذكور ببعثه محمدا صلى الله عليه وسلم.
ولذا جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (أنا دعوة إبراهيم).
وقد جعل الله الأنبياء بعد إبراهيم من ذريته، كما قال تعالى في سورة العنكبوت * (ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب) *، وقال عنه وعن نوح في سورة الحديد * (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا فى ذريتهما النبوة والكتاب) *.
وعلى القول الثاني، أن الضمير عائد إلى الله تعالى، فلا إشكال.
وقد بين تعالى في آية الزخرف هذه، أن الله لم يجب دعوة إبراهيم في جميع ذريته، ولم يجعل الكلمة باقية في جميع عقبه، لأن كفار مكة الذين كذبوا بنبينا صلى الله عليه وسلم من عقبه بإجماع العلماء، وقد كذبوه صلى الله عليه وسلم وقالوا إنه ساحر. وكثير منهم مات على ذلك. وذلك في قوله تعالى * (بل متعت هاؤلاء) * يعني كفار مكة وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين، هو محمد صلى الله عليه وسلم * (ولما جآءهم الحق قالوا هاذا سحر وإنا به كافرون) *.
وما دلت عليه آية الزخرف هذه من أن بعض عقب إبراهيم لم يجعل الله الكلمة المذكورة باقية فيهم، دلت عليه آيات أخر من كتاب الله، كقوله تعالى في البقرة:
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»