أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١٨٧
فقد جاءكم الفتح) *، أي: إن تطلبوا الحكم بهلاك الظالم منكم، ومن النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاءكم الفتح، أي: الحكم بهلاك الظالم وهو هلاكهم يوم بدر؛ كما قاله غير واحد. وقد ذكروا أنهم لما أرادوا الخروج إلى بدر، جاء أبو جهل، وتعلق بأستار الكعبة، وقال: اللهم إنا قطان بيتك نسقي الحجيج، ونفعل ونفعل، وإن محمدا قطع الرحم وفرق الجماعة، وعاب الدين، وشتم الآلهة، وسفه أحلام الآباء، اللهم أهلك الظالم منا ومنه، فطلب الحكم على الظالم، فجاءهم الحكم على الظالم فقتلوا ببدر، وصاروا إلى الخلود في النار، إلى غير ذلك من الآيات.
وعلى قول من قال من أهل العلم: إن المراد بالفتح في الآية الحكم والقضاء بينهم يوم القيامة، فلا إشكال في قوله تعالى: * (قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم) *، وعلى القول بأن المراد بالفتح في الآية الحكم بينهم في الدنيا بهلاك الكفار، كما وقع يوم بدر. فالظاهر أن معنى قوله تعالى: * (قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم) *، أي: إذا عاينوا الموت وشاهدوا القتل، بدليل قوله تعالى: * (فلما رأوا بأسنا قالوا ءامنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التى قد خلت فى عباده وخسر هنالك الكافرون) *، وقوله تعالى: * (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الان) *، وقوله تعالى في فرعون: * (حتى إذا أدركه الغرق قال ءامنت أنه لا إلاه إلا الذىءامنت به بنوا إسراءيل وأنا من المسلمين * ءالئن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) *. ولا يخفى أن قول من قال من أهل العلم: إن الفتح في هذه الآية فتح مكة أنه غير صواب، بدليل قوله تعالى: * (قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم) * ومعلوم أن فتح مكة لا يمنع انتفاع المؤمن في وقته بإيمانه، كما لا يخفى. * (* (فأعرض عنهم وانتظر) *. جاء معناه موضحا في آيات أخر؛ كقوله تعالى: * (أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون * قل تربصوا فإنى معكم من المتربصين) *، ومعلوم أن التربص هو الانتظار. وقوله تعالى: * (قل انتظروا إنا منتظرون) *، إلى غير ذلك من الآيات.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»