أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١٤٣
آخرهم حتى يجتمعوا، ثم يدفعون جميعا، كما قاله غير واحد. * (حتى إذا جآءوا قال أكذبتم بأاياتى ولم تحيطوا بها علما أما ذا كنتم تعملون) *. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: أي يسألون عن اعتقادهم وأعمالهم، ومقصوده بسؤالهم عن اعتقادهم قوله تعالى: * (حتى إذا) *، لأن التصديق بآيات الله التي هي هذا القرءان من عقائد الإيمان التي لا بد منها، كما هو معلوم في حديث جبريل وغيره، ومقصوده بسؤالهم عن أعمالهم قوله تعالى: * (بما كنتم تعملون) *، والسؤال المذكور سؤال توبيخ وتقريع، فقد وبخهم تعالى فيه على فساد الاعتقاد، وفساد الأعمال، والتوبيخ عليهما معا المذكور هنا جاء مثله في قوله تعالى: * (فلا صدق ولا صلى * ولاكن كذب وتولى) *، كما أشار له ابن كثير رحمه الله، فقوله تعالى: * (فلا صدق) *، وقوله: * (ولاكن كذب) *، توبيخ على فساد الاعتقاد. وقوله: * (ولا صلى) *: توبيخ على إضاعة العمل. * (ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون) *. الظاهر أن القول الذي وقع عليهم هو كلمة العذاب، كما يوضحه قوله تعالى: * (ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها ولاكن حق القول منى لاملان جهنم من الجنة والناس أجمعين) *، ونحو ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (فهم لا ينطقون) *، ظاهره أن الكفار لا ينطقون يوم القيامة؛ كما يفهم ذلك من قوله تعالى: * (هاذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون) *، وقوله تعالى: * (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما) *، مع أنه بينت آيات أخر من كتاب الله أنهم ينطقون يوم القيامة ويعتذرون؛ كقوله تعالى عنهم: * (والله ربنا ما كنا مشركين) *، وقوله تعالى عنهم: * (فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء) *، وقوله: * (ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا) *، وقوله تعالى عنهم: * (ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) *، وقوله تعالى: * (ونادوا يا
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»