أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١٣٠
تخصيصا، وكلام قتادة الذي ذكره عنه البخاري اجتهاد منه، فيما يظهر.
وقال البخاري في (صحيحه) أيضا: حدثني عثمان، حدثني عبدة عن هشام عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر، فقال: (هل وجدتم ما وعد ربكم حقا)؟ ثم قال: (إنهم الآن يسمعون ما أقول)، فذكر لعائشة، فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق)، ثم قرأت: * (إنك لا تسمع الموتى) *، حتى قرأت الآية، انتهى من صحيح البخاري. وقد رأيته أخرج عن صحابيين جليلين، هما: ابن عمر، وأبو طلحة، تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بأن أولئك الموتى يسمعون ما يقول لهم، ورد عائشة لرواية ابن عمر بما فهمت من القرءان مردود، كم سترى إيضاحه إن شاء الله تعالى.
وقد أوضحنا في سورة (بني إسرائيل)، في الكلام على قوله تعالى: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) *، أن ردها على ابن عمر أيضا روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن الميت يعذب ببكاء أهله بما فهمت من الآية مردود أيضا، وأوضحنا أن الحق مع ابن عمر في روايته لا معها، فيما فهمت من القرءان. وقال البخاري في (صحيحه) أيضا: حدثنا عياش، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، قال: وقال لي خليفة: حدثنا ابن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد إذ وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا في الجنة) الحديث، وقد رأيت في هذا الحديث الصحيح تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بأن الميت في قبره، يسمع قرع نعال من دفنوه إذا رجعوا، وهو نص صحيح صريح في سماع الموتى، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم فيه تخصيصا.
وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في (صحيحه): حدثني إسحاق بن عمر بن سليط الهذلي، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، قال: قال أنس: كنت مع عمر (ح)، وحدثنا شيبان بن فروخ، واللفظ له: حدثنا سليمان بن المغيرة بن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال، الحديث. وفيه: فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس، يقول: (هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله)، قال: فقال عمر: فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا الحدود التي حد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا في بئر
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»