وصف وجودي، والوصف الوجودي: لا يوصف به المعدوم، وإنما يوصف به الموجود. فدل على أن الطيب الموصوف بالوبيص موجود بعينه، وهو يرد قول ابن العربي أنه لم يرد في شيء من طرق حديث عائشة أن عين الطيب بقيت.
ويؤيده ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا الحسين بن الجنيد الدامغاني: ثنا أبو أسامة، قال: أخبرني عمر بن سويد الثقفي، قال: حدثتني عائشة بنت طلحة: أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، حدثتها قالت: (كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة. فنضمد جباهنا بالشك المطيب، عند الإحرام، فإذا عرفت إحدانا سأل على وجهها، فيراه النبي صلى الله عليه وسلم، فلا ينهانا) ا ه منك والسك بضم السين، وتشديد الكاف: نوع من الطيب، يضاف إلى غيره من الطيب، ويستعمل.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار في حديث أبي داود هذا: سكت عنه أبو داود، والمنذري، وإسناده رواته ثقات إلا الحسين بن الجنيد شيخ أبي داود وقد قال النسائي، لا بأس به، وقال ابن حبان في الثقات: مستقيم الأمر فيما يروى ا ه. وقال فيه ابن حجر في التقريب: لا بأس به، وقال فيه: في تهذيب التهذيب: قال النسائي: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال من أهل سمغان: مستقيم الأمر فيما يروي.
قلت: وقال أحمد بن حمدان العابدي، ثنا الحسين بن الجنيد، وكان رجلا صالحا وقال: مسلمة بن القاسم ثقة ا ه منه.
وبما ذكرنا: تعلم أن حديث عائشة المذكور عند أبي داود أقل درجاته أنه حسن، وقال فيه النووي في شرح المهذب: هذا حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد حسن ا ه منه، وهو حجة في جواز بقاء عين الطيب في المحرم بعد الإحرام، إن كان استعماله للطيب، قبل الإحرام.
قال في القاموس: والسك بالضم طيب، يتخذ من الرامك مدقوقا منخولا معجونا بالماء، ويعرك شديدا، ويمسح بدهن الخيري لئلا يلصق بالإناء، ويترك ليلة ثم يسحق المسك ويلقمه ويعرك شديدا، ويقرص، ويترك يومين، ثم يثقب بمسلة وينظم في خيط قتب، ويترك سنة، وكلما عتق طابت رائحته ا ه منه. وقال أيضا: والرامك كصاحب: شيء أسود يخلط بالمسك، ويفتح انتهى منه. ولا يخفى أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، إنما كن يضمدن به جباههن في حال كونه معجونا، قبل أن يقرص ويجف.