آثارا تدل: على أنها ليست بطيب، وقدمنا حديث ابن عباس، عند الطبراني أن أزواج النبي كن يختضبن بالحناء، وهن محرمات، وقد قدمنا أن في إسناده يعقوب بن عطاء، وقد روى البيهقي بإسناده في السنن الكبرى عن عائشة رضي الله عنها أنها قيل لها: ما تقولين في الحناء والخضاب؟ قالت: كان خليلي لا يحب ريحه، ثم قال البيهقي: فيه كالدلالة على أن الحناء ليس بطيب (فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الطيب ولا يحب ريح الحناء) ا ه منه.
وهذا حاصل مستند من قال: إن الحناء ليس بطيب وقال صاحب الجوهر النقي: بعد أن ذكر كلام البيهقي الذي ذكرنا، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم خلاف هذا. قال أبو عمر في التمهيد: ذكر ابن بكير عن ابن لهيعة، عن بكير بن الأشج، عن خولة بنت حكيم، عن أمها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم سلمة (لا تطيبي، وأنت محرمة ولا تمسي الحناء فإنه طيب) وأخرجه البيهقي في كتاب المعرفة، من هذا الوجه وقد عد أبو حنيفة الدينوري وغيره: من أهل اللغة: الحناء من أنواع الطيب. وقال الهروي في الغريبين: وفي الحديث (سيد رياحين الجنة الفاغية) قال الأصمعي: هو نور الحناء. وفي الحديث أيضا، عن أنس: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفاغية) انتهى منه. وقال صاحب كشف الخفاء ومزيل الإلباس. وقال النجم، وعند الطبراني والبيهقي، وأبي نعيم في الطب عن بريدة (سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم، وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية) انتهى محل الحاجة منه، وقال ابن الأثير في النهاية فيه (سيد رياحين الجنة الفاغية هي نور الحناء) وقيل نور الريحان. وقيل: نور كل نبت من أنوار الصحراء، التي لا تزرع. وقيل فاغية كل نبت نوره، ومنه: حديث أنس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الفاغية) ا ه.
وفي القاموس: والفاغية نور الحناء أو يغرس غصن الحناء مقلوبا فيثمر زهرا أطيب من الحناء، فذلك الفاغية ا ه محل الغرض منه. ولا يخفى أن الحناء لم يثبت فيه شيء مرفوع وأكثر أنواع الطيب لم تثبت في خصوصها نصوص، ومنها: ما ثبت بالنص كالزعفران، والورس، كما تقدم إيضاح، وكالذريرة، والمسك كما سيأتي إن شاء الله، وقد قدمنا أن الذي اختلف فيه أهل العلم من الأنواع: هل هو طيب، أوليس بطيب؟ أن ذلك من نوع الاختلاف في تحقيق المناط، والعلم عند الله تعالى.