أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٥٥٦
أي: وتحسب حبهم عارا علي، ومثال حذف أحد المفعولين قول عنترة: أي: وتحسب حبهم عارا علي، ومثال حذف أحد المفعولين قول عنترة:
* ولقد نزلت فلا تظني غيره * مني بمنزلة المحب المكرم * أي: لا تظني غيره واقعا.
الجواب الثاني: أن فاعل * (يحسبن) * النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مذكور في قوله قبله: * (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) *، أي: لا يحسبن محمد صلى الله عليه وسلم الذين كفروا معجزين، وعلى هذا ف: * (الذين كفروا) * مفعول أول، و * (معاجزين) * مفعول ثان، وعزا هذا القول للفراء، وأبي علي.
الجواب الثالث: أن المعني: لا يحسبن الكافر الذين كفروا معجزين في الأرض وعزا هذا القول لعلي بن سليمان، وهو كالذي قبله، إلا أن الفاعل في الأول النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الثاني الكافر. وقال الزمخشري: وقرئ * (لا * يحسبن) * بالياء، وفيه أوجه أن يكون * (معجزين فى الارض) * هما المفعولان.
والمعنى: لا يحسبن الذين كفروا أحدا يعجز الله في الأرض، حتى يطمعوا هم في مثل ذلك، وهذا معنى قوي جيد، وأن يكون فيه ضمير الرسول لتقدم ذكره في قوله: * (قل أطيعوا لله وأطيعوا الرسول) *، وأن يكون الأصل: لا يحسبنهم الذين كفروا معجزين، ثم حذف الضمير الذي هو المفعول الأول، وكأن الذي سوغ ذلك أن الفاعل والمفعولين لما كانت لشئ واحد، اقتنع بذكر اثنين عن ذكر الثالث، اه.
وما ذكره النحاس وأبو حاتم وغيرهما من أن قراءة من قرأ: * (لا * يحسبن) * بالياء التحتية خطأ أو لحن، كلام ساقط لا يلتفت إليه؛ لأنها قراءة سبعية ثابتة ثبوتا لا يمكن الطعن فيه، وقرأ بها من السبعة: ابن عامر، وحمزة؛ كما تقدم.
وأظهر الأجوبة عندي: أن * (معجزين فى الارض) * هما المفعولان، فالمفعول الأول * (معاجزين) *، والمفعول الثاني دل عليه قوله: * (فى الارض) *، أي: لا تحسبن معجزين الله موجودين أو كائنين في الأرض، والعلم عند الله تعالى. * (لا تجعلوا دعآء الرسول بينكم كدعآء بعضكم بعضا) *. لأهل العلم في هذه الآية أقوال، راجعة إلى قولين:
(٥٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 » »»