شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء) * إلى قوله تعالى: * (وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولاكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما) *. قوله تعالى: * (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) *. المراد بالدين هنا الجزاء، ويدل على ذلك قوله: يوفيهم، لأن التوفية تدل على الجزاء كقوله تعالى: * (ثم يجزاه الجزاء الاوفى) * وقوله تعالى: * (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) * وقوله. * (وتوفى كل نفس ما كسبت) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: دينهم، أي جزاءهم الذي هو في غاية العدل والإنصاف، وقال الزمخشري: دينهم الحق: أي جزاءهم الواجب الذي هم أهله والأول أصح، لأن الله يجازي عباده بإنصاف تام، وعدل كامل، والآيات القرآنية في ذلك كثيرة كقوله تعالى: * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها) * وقوله: * (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولاكن الناس أنفسهم يظلمون) * وقوله: * (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا) * إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه. ومن إتيان الدين بمعنى الجزاء في القرآن قوله تعالى: * (مالك يوم الدين) *. قوله تعالى: * (يأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذالكم خير لكم لعلكم تذكرون) *. اعلم أن هذه الآية الكريمة أشكلت على كثير من أهل العلم، وذلك من أجل التعبير عن الاستئذان بالاستئناس، مع أنهما مختلفان في الماد والمعنى. وقال ابن حجر في الفتح: وحكى الطحاوي: أن الاستئناس في لغة ليمن: الاستئذان. وفي تفسير هذه الآية الكريمة بما يناسب لفظها وجهان، ولكل منهما شاهد من كتاب الله تعالى.
الوجه الأول: أنه من الاستئناس الظاهر الذي هو ضد الاستيحاش، لأن الذي يقرع باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه، فإذا أذن له