أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٩١
شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء) * إلى قوله تعالى: * (وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولاكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما) *. قوله تعالى: * (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) *. المراد بالدين هنا الجزاء، ويدل على ذلك قوله: يوفيهم، لأن التوفية تدل على الجزاء كقوله تعالى: * (ثم يجزاه الجزاء الاوفى) * وقوله تعالى: * (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) * وقوله. * (وتوفى كل نفس ما كسبت) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: دينهم، أي جزاءهم الذي هو في غاية العدل والإنصاف، وقال الزمخشري: دينهم الحق: أي جزاءهم الواجب الذي هم أهله والأول أصح، لأن الله يجازي عباده بإنصاف تام، وعدل كامل، والآيات القرآنية في ذلك كثيرة كقوله تعالى: * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها) * وقوله: * (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولاكن الناس أنفسهم يظلمون) * وقوله: * (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا) * إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم إيضاحه. ومن إتيان الدين بمعنى الجزاء في القرآن قوله تعالى: * (مالك يوم الدين) *. قوله تعالى: * (يأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذالكم خير لكم لعلكم تذكرون) *. اعلم أن هذه الآية الكريمة أشكلت على كثير من أهل العلم، وذلك من أجل التعبير عن الاستئذان بالاستئناس، مع أنهما مختلفان في الماد والمعنى. وقال ابن حجر في الفتح: وحكى الطحاوي: أن الاستئناس في لغة ليمن: الاستئذان. وفي تفسير هذه الآية الكريمة بما يناسب لفظها وجهان، ولكل منهما شاهد من كتاب الله تعالى.
الوجه الأول: أنه من الاستئناس الظاهر الذي هو ضد الاستيحاش، لأن الذي يقرع باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه، فإذا أذن له
(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»