أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٨٠
منه. وله وجه من النظر، والعلم عند الله تعالى.
المسألة السابعة عشرة: فيما لو جاءت زوجته بولد فنفاه فصدقته الزوجة في أن الولد من غيره، فعلى الزوجة حد الزنى.
واختلف أهل العلم هل ينتفي نسب الولد بتصادقهما بدون لعان، أو لا ينتفي إلا بلعان، وكلا القولين مروي عن مالك، وأكثر الرواة عنه أنه لا ينتفي إلا بلعان.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين عندي أنه لا ينتفي عن الزوج إلا بلعانه، ولا يسقط حقه من لحوق نسبه بتصديق أمه للزوج؛ لأن للولد حقا في لحوق نسبه فلا يسقط إلا بلعان الزوج، وأما الزوجة فلا يصح منها اللعان في هذه الصورة؛ لأنها مقرة بصدق الزوج في دعواه.
المسألة الثامنة عشرة: اعلم أن الأظهر عندنا فيمن قذف امرأته فطالبت بحده لقذفها فأقام شاهدين على إقرارها بالزنى الذي قذفها به أن حكم هذه المسألة مبني على الاختلاف في الإقرار بالزنى، هل يثبت بشاهدين كغيره من سائر الأقارير أو لا يثبت إلا بأربعة شهود. فمن قال: يثبت بشاهدين يلزم قوله: أن الرجل لا يحد لقذفها؛ لأن إقرارها بالزنى ثبت بالشاهدين، وعلى القول الآخر يحد؛ لأن إقرارها لم يثبت، هذا هو الأظهر عندنا، والعلم عند الله تعالى.
المسألة التاسعة عشرة: اعلم أن الأظهر أنهما إن شهدا عليه بأنه قذف امرأته وقذفهما أعني الشاهدين لم تقبل شهادتهما بقذف المرأة؛ لأنهما لما ادعيا عليه أنه قذفهما صارا له عدوين؛ لأن القذف يستوجب العداوة. قال ابن قدامة في (المغني): فإن شهد شاهدان أنه قذف فلانة، وقذفنا لم تقبل شهادتهما لاعترافهما بعداوته لهما وشهادة العدو لا تقبل على عدوه، فإن أبرآه وزالت العداوة ثم شهدا عليه بذلك القذف لم تقبل لأنها ردت للتهمة، فلم تقبل بعد كالفاسق إذا شهد فردت شهادته لفسقه ثم تاب وأعادها، ولو أنهما ادعيا عليه أنه قذفهما ثم أبرآه وزالت العداوة، ثم شهدا عليه بقذف زوجته قبلت شهادتهما؛ لأنهما لم يردا في هذه الشهادة، ولو شهدا أنه قذف امرأته ثم ادعيا بعد ذلك أنه قذفهما فإن أضافا دعواهما إلى ما قبل شهادتهما، بطلت شهادتهما لاعترافهما أنه كان عدوا لهما حين شهدا عليه، وإن لم يضيفاها إلى ذلك الوقت، وكان ذلك قبل الحكم بشهادتهما لم يحكم بها؛ لأنه لا يحكم عليه بشهادة عدوين، وإن كانت بعد الحكم لم يبطل؛ لأن الحكم تم قبل
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»