أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٨٨
تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا) * وقد بين تعالى في هذا الآية أن العفو مع القدرة من صفاته تعالى، وكفى بذلك حثا عليه، وكقوله تعالى: * (فاصفح الصفح الجميل) * وكقوله: * (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الامور) * إلى غير ذلك لمن عزم الأمور) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * () * إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (ألا تحبون أن يغفر الله لكم) * دليل على أن العفو والصفح على المسئ المسلم من موجبات غفران الذنوب، والجزاء من جنس العمل، ولذا لما نزلت قال أبو بكر: بلى والله نحب أن يغفر لنا ربنا، ورجع للإنفاق في مسطح، ومفعول أن يغفر الله محذوف للعلم به: أي يغفر لكم ذنوبكم.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (أولى القربى) * أي أصحاب القرابة، ولفظة أولى اسم جمع لا واحد له من لفظه يعرب إعراب الجمع المذكر السالم. فائدة في هذه الآية الكريمة، دليل على أن كبائر الذنوب لا تحبط العمل الصالح، لأن هجرة مسطح بن أثاثة من عمله الصالح، وقذفه لعائشة من الكبائر ولم يبطل هجرته لأن الله قال فيه بعد قذفه لها * (والمهاجرين فى سبيل الله) * فدل ذلك على أن هجرته في سبيل الله، لم يحبطها قذفه لعائشة رضي الله عنها.
قال القرطبي في هذه الآية: دليل على أن القذف وإن كان كبيرا لا يحبط الأعمال، لأن الله تعالى وصف مسطحا بعد قوله بالهجرة والإيمان، وكذلك سائر الكبائر، ولا يحبط الأعمال غير الشرك بالله، قال تعالى: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * ا ه.
وما ذكر من أن في الآية وصف مسطح بالإيمان لم يظهر من الآية، وإن كان معلوما.
وقال القرطبي أيضا: قال عبد الله بن المبارك: هذه أرجى آية في كتاب الله. ثم قال بعد هذا: قال بعض العلماء، هذه أرجى آية في كتاب الله تعالى من حيث لطف الله بالقذفة العصاة بهذا اللفظ. وقيل: أرجى آية في كتاب الله عز وجل قوله تعالى: * (وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) * وقد قال تعالى في آية أخرى * ( والذين ءامنوا وعملوا الصالحات فى روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير) *
(٤٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 ... » »»