وقال ابن كثير في (تفسيره): وقال ابن جريج: قلت لعطاء: أيستأذن الرجل على امرأته؟ قال: لا، ثم قال ابن كثير: وهذا محمول على عدم الوجوب، وإلا فالأولى أن يعلمها بدخوله ولا يفاجئها به؛ لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها، ثم نقل ابن كثير عن ابن جرير بسنده عن زينب امرأة ابن مسعود، قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة، فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه، قال: وإسناده صحيح، اه محل الغرض منه. والأول أظهر ولا سيما عند من يرى إباحة نظر الزوج إلى فرج امرأته كمالك وأصحابه ومن وافقهم، والعلم عند الله تعالى.
المسألة السادسة: إذا قال أهل المنزل للمستأذن: ارجع، وجب عليه الرجوع؛ لقوله تعالى: * (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم) *، وكان بعض أهل العلم يتمنى إذا استأذن على بعض أصدقائه أن يقولوا له: ارجع، ليرجع، فيحصل له فضل الرجوع المذكور في قوله: * (هو أزكى لكم) *؛ لأن ما قال الله إنه أزكى لنا لا شك أن لنا فيه خيرا وأجرا، والعلم عند الله تعالى.
المسألة السابعة: اعلم أن أقوى الأقوال دليلا وأرجحها فيمن نظر من كوة إلى داخل منزل قوم ففقأوا عينه التي نظر إليهم بها، ليطلع على عوراتهم أنه لا حرج عليهم في ذلك من إثم ولا غرم دية العين ولا قصاص، وهذا لا ينبغي العدول عنه لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ثبوتا لا مطعن فيه، ولذا لم نذكر هنا أقوال من خالف في ذلك من أهل العلم لسقوطها عندنا، لمعارضتها النص الثابت عنه صلى الله عليه وسلم. قال البخاري رحمه الله في (صحيحه): باب من اطلع في بيت قوم ففقأوا عينه فلا دية له، ثم ذكر من أحاديث هذه الترجمة: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: (لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح)، اه منه. والجناح الحرج. وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح: (لم يكن عليك جناح)، لفظ جناح فيه نكرة في سياق النفي فهي تعم رفع كل حرج من إثم ودية وقصاص، كما ترى.
وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في (صحيحه): حدثني زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقأوا عينه)، اه منه.