أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٩٢
استأنس وزال عنه الاستيحاش، ولما كان الاستئناس لازما للإذن أطلق اللازم، وأريد ملزومه الذي هو الإذن، وإطلاق اللازم، وإرادة الملزوم أسلوب عربي معروف، والقائلون بالمجاز يقولون: إن ذلك من المجاز المرسل، وعلى أن هذه الآية أطلق فيها اللازم الذي هو الاستئناس وأريد ملزومه الذي هو الإذن يصير المعنى: حتى تستأذنوا، ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: * (لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم) *، وقوله تعالى بعده: * (فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم) *، وقال الزمخشري في هذا الوجه بعد أن ذكره: وهذا من قبيل الكناية، والإرداف، لأن هذا النوع من الاستئناس يردف الإذن فوضع موضع الإذن.
الوجه الثاني في الآية: هو أن يكون الاستئناس بمعنى الاستعلام، والاستكشاف. فهو استفعال من آنس الشيء إذا أبصره ظاهرا مكشوفا أو علمه.
والمعنى: حتى تستعملوا وتستكشفوا الحال، هل يؤذن لكم أو لا؟ وتقول العرب: استئنس هل ترى أحدا، واستأنست فلم أر أحدا، أي تعرفت واستعلمت، ومن هذا المعنى قوله تعالى: * (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن) * أي علمتم رشدهم وظهر لكم. وقوله تعالى عن موسى: * (إذ رأى نارا فقال لاهله امكثوا إنى) * وقوله تعالى: * (فلما قضى موسى الاجل وسار بأهله ءانس من جانب الطور نارا) * فمعنى آنس نارا: رآها مكشوفة. ومن هذا المعنى قول نابغة ذبيان: والمعنى: حتى تستعملوا وتستكشفوا الحال، هل يؤذن لكم أو لا؟ وتقول العرب: استئنس هل ترى أحدا، واستأنست فلم أر أحدا، أي تعرفت واستعلمت، ومن هذا المعنى قوله تعالى: * (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن) * أي علمتم رشدهم وظهر لكم. وقوله تعالى عن موسى: * (إذ رأى نارا فقال لاهله امكثوا إنى) * وقوله تعالى: * (فلما قضى موسى الاجل وسار بأهله ءانس من جانب الطور نارا) * فمعنى آنس نارا: رآها مكشوفة. ومن هذا المعنى قول نابغة ذبيان:
* كأن رحلي وقد زال النهار بنا * بذي الجليل على مستأنس وحد * * من وحش وجرة موشى أكارعه * طاوى المصير كيف الصيقل الفرد * فقوله على مستأنس يعني: حمار وحش شبه به ناقته، ومعنى كونه مستأنسا أنه يستكشف، ويستعمل القانصين بشمه ريحهم وحدة بصره في نظره إليهم. ومنه أيضا قول الحرث بن حلزمة اليشكري: يصف نعامة شبه بها ناقته: فقوله على مستأنس يعني: حمار وحش شبه به ناقته، ومعنى كونه مستأنسا أنه يستكشف، ويستعمل القانصين بشمه ريحهم وحدة بصره في نظره إليهم. ومنه أيضا قول الحرث بن حلزمة اليشكري: يصف نعامة شبه بها ناقته:
* آنست نبأة وأفزعها القنا * ص عصرا وقد دنا الإمساء * فقوله: آنست نبأة: أي أحست بصوت خفي، وهذا الوجه الذي هو أن معنى تستأنسوا تستكشفوا وتستعلوا، هل يؤذن لكم وذلك الاستعلام والاستكشاف إنما يكون
(٤٩٢)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»