فجاءت بولد كامل لأقل من ستة أشهر؛ لأن أقل أمد الحمل ستة أشهر، كما أوضحناه في سورة (الرعد)، ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم، وككون الزوج صبيا لا يولد لمثله عادة لصغره ونحو ذلك.
واعلم أن الذي يظهر لنا أنه هو الصواب أن كل ولد جاءت به امرأة الصغير قبل بلوغه أنه لا يلحق به، ولا يحتاج إلى لعان، وبه تعلم أن قول من قال من الحنابلة، ومن وافقهم: إن الزوج إن كان ابن عشر سنين لحقه الولد وكذلك تسع سنين ونصف، كما قاله القاضي من الحنابلة، إنه خلاف التحقيق واستدلالهم على لحوق الولد بالزوج الذي هو ابن عشر سنين بحديث: (واضربوهم على الصلاة لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) ظاهر السقوط، وإن اعتمده ابن قدامة مع علمه، وغيره من الحنابلة.
فالتحقيق إن شاء الله تعالى هو ما قاله أبو بكر من الحنابلة من أنه لا يلحق به الولد حتى يبلغ وهو ظاهر لا يخفى، وكما لو تزوج امرأة في مجلس، ثم طلقها فيه قبل غيبته عنهم ثم أتت امرأته بولد لستة أشهر من حين العقد أو تزوج مشرقي مغربية أو عكسة، ثم مضت ستة أشهر وأتت بولد لم يلحقه. قال ابن قدامة في (المغني): وبذلك قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: يلحقه نسبه؛ لأن الولد إنما يلحقه بالعقد ومدة الحمل ألا ترى أنكم قلتم إذا مضى زمان الإمكان لحق الولد، وإن علم أنه لم يحصل منه الوطء، انتهى منه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: التحقيق إن شاء الله عدم لحوق الولد فيما ذكر للعلم بأنه ليس منه ولا حاجة لنفيه، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الرابعة والعشرون: اعلم أن أظهر الأقوال وأقواها دليلا، أن المتلاعنين يتأبد التحريم بينهما، فلا يجتمعان أبدا، وقد جاءت بذلك أحاديث منها ما رواه أبو داود من حديث سهل بن سعد، وفيه: فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدا، انتهى.
وقال في (نيل الأوطار): في هذا الحديث سكت عنه أبو داود، والمنذري ورجاله رجال الصحيح، ومنها ما رواه الدارقطني عن سهل أيضا، وفيه: ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقال: (لا يجتمعان أبدا)، انتهى منه بواسطة نقل المجد في (المنتقى)، وقال فيه