أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٤٨
: أي: لمائل. وقول الآخر:
* تمنى رجال أن أموت وإن مت * فتلك سبيل لست فيها بأوحد * أي: بواحد. وقال الآخر: بواحد. وقال الآخر:
* لعمرك إن الزبرقان لباذل * لمعروفه عند السنين وأفضل * أي: وفاضل. إلى غير ذلك من الشواهد، ولكن قدمنا أنها لا تحمل على مطلق الوصف، إلا لدليل خارج، أو قرينة واضحة تدل على ذلك.
وقوله له: أنت أزنى من فلان، ليس هناك قرينة، ولا دليل صارف لصيغة التفضيل عن أصلها، فوجب إبقاؤها على أصلها، وحد القاذف لكل واحد منهما، والإتيان بلفظة من في قوله: أنت أزنى من فلان، يوضح صراحة الصيغة في التفضيل، والعلم عند الله تعالى.
المسألة السادسة عشرة: اعلم أنه لا يجوز رمي الملاعنة بالزنى، ولا رمي ولدها بأنه ابن زنى، ومن رمى أحدهما فعليه الحد، وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه؛ لأنه لم يثبت عليها زنى، ولا على ولدها أنه ابن زنى، وإنما انتفى نسبه عن الزوج بلعانه.
وفي سنن أبي داود: حدثنا الحسن بن علي، ثنا يزيد بن هارون، ثنا عباد بن منصور عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: جاء هلال بن أمية، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم، فجاء من أرضه عشيا فوجد عند أهله رجلا فرأى بعينه وسمع بأذنه... الحديث، وفيه: ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى إلا يدعى ولدها لأب، ولا ترمى ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد... إلى آخر الحديث. وفي هذا الحديث التصريح بأن من رماها أو رمى ولدها فعليه الحد.
واعلم: أن ما نقله الشيخ الحطاب عن بعض علماء المالكية من أن من قال لابن ملاعنة: لست لأبيك الذي لاعن أمك، فعليه الحد خلاف التحقيق؛ لأن الزوج الملاعن ينتفى عنه نسب الولد باللعان، فنفيه عنه حق مطابق للواقع، ولذا لا يتوارثان، ومن قال كلاما حقا، فإنه لا يستوجب الحد بذلك؛ كما لو قال له: يا من نفاه زوج أمه، أو يا ابن ملاعنة، أو يا ابن من لوعنت؛ وإنما يجب الحد على قاذفه، فيما لو قال: أنت ابن زنى ونحوها من صريح القذف، والعلم عند الله تعالى.
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»