أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٧
أما لو قص أظفار إحدى يديه، أو رجليه في مجلس، والأخرى في مجلس آخر، فعند أبي حنيفة، وأبي يوسف: يتعدد الدم، حتى إنه يمكن أن تلزمه أربعة دماء للرجلين واليدين، إذا كانت كل واحدة في مجلس، وعند محمد: لا يلزمه إلا دم واحد، ولو تعددت المجالس إلا إذا تخللت الكفارة بينهما، وقد علمت أنه لو قص أظافر أكثر من خمسة متفرقة من الرجلين واليدين: ليس عليه إلا الصدقة عندهم.
وقال زفر: يجب الدم بقص ثلاثة أظفار من اليد أو من الرجل، وهو قول أبي حنيفة الأول، بناء على اعتبار الأكثر، والثلاثة أكثر من الباقي بعدها بالنسبة إلى الخمسة.
وقال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره، وعليه الفدية بأخذها في قول أكثرهم، وهو قول حماد، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. وروي ذلك عن عطاء، وعنه لا فدية عليه، لأن الشرع لم يرد فيه بفدية، ولم يعتبر ابن المنذر في حكايته الإجماع قول داود الظاهري: إن المحرم له أن يقص أظفاره، ولا شيء عليه لعدم النص، وفي اعتبار داود في الإجماع خلاف معروف، والأظهر عند الأصوليين اعتباره في الإجماع. والله تعالى أعلم.
ثم قال صاحب المغني: ولنا أنه أزال ما منع إزالته لأجل الترفه، فوجبت عليه الفدية كحلق الشعر، وعدم النص فيه، لا يمنع قياسه. كشعر البدن مع شعر الرأس، والحكم في فدية الأظفار كالحكم في فدية الشعر سواء في أربعة منها: دم. وعنه في ثلاثة: دم، وفي الظفر الواحد: مد من طعام وفي الظفرين: مدان على ما ذكرنا من التفصيل والاختلاف فيه. وقول الشافعي وأبي ثور كذلك انتهى محل الغرض منه.
وإذا عرفت مذاهب الأئمة في حكم قص المحرم أظفاره، وما يلزمه في ذلك فاعلم أني لا أعلم لأقوالهم مستندا من النصوص، إلا ما ذكرنا عن ابن المنذر، من الإجماع على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره، أما لزوم الفدية، فلم يدع فيه إجماعا، وإلا ما جاء عن بعض السلف من الصحابة والتابعين، من تفسير آية الحج، فإنه يدل على منع المحرم من أخذ أظفاره كمنعه من حلق شعره حتى يبلغ الهدي محله، والآية المذكورة هي قوله تعالى: * (ثم ليقضوا تفثهم) *.
قال صاحب الدر المنثور في التفسير بالمأثور: وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله * (ثم ليقضوا تفثهم) * قال: (يعني
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»