وذهب الشافعي وأصحابه: إلى أن حلق ثلاث شعرات فصاعدا تلزم فيه فدية الأذى كاملة، واحتجوا بأن الثلاث: يقع عليها اسم الجمع المطلق، فكان حلقها كحلق الجميع، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وقال القاضي: إنها المذهب، وبذلك قال الحسن، وعطاء، وابن عيينة وأبو ثور، كما نقله عنهم صاحب المغني. أما حلق الشعرة الواحدة، أو الشعرتين فللشافعية فيه أربعة أقوال:
الأول: وهو أصحها عند محققيهم، وهو نص الشافعي في أكثر كتبه: أنه يجب في الشعرة الواحدة مد وفي الشعرتين مدان.
الثاني: يجب في شعرة واحدة درهم، وفي شعرتين درهمان.
الثالث: يجب في شعرة: ثلث دم وفي شعرتين: ثلثاه.
الرابع: أن في الشعرة الواحدة دما كاملا. ومذهب الإمام أحمد: وجوب الفدية كاملة في أربع شعرات فصاعدا، وهذه الرواية اقتصر عليها الخرقي، وقد قدمنا قريبا، الرواية عنه بوجوب الفدية بثلاث شعرات فصاعدا. أما ما هو أقل من القدر. الذي يوجب الفدية، وهو ثلاث شعرات، أو شعرتان بحسب الروايتين المذكورتين ففي الشعرة الواحدة: مد من طعام، وفي الشعرتين: مدان، وعنه أيضا في كل شعرة: قبضة من طعام، وروي نحوه عن عطاء.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه إن حلق ربع رأسه، أو ربع لحيته، أو حلق عضوا كاملا كرقبته، أو عانته أو أحد إبطيه، ونحو ذلك: لزمته فدية الأذى، إن كان ذلك لعذر، وإن كان لغير عذر: لزمه دم، ويلزم عنده في حلق أقل مما ذكر كحلق أقل من ربع الرأس، أو ربع اللحية، أو أقل من عضو كامل صدقة، والصدقة عندهم: نصف صاع من بر، أو صاع من غيره.
وروي عن أبي حنيفة وأصحابه: أن في كل شعرة قبضة من طعام كما ذكره عنهم صاحب المغني.
وأما حلق شعر البدن غير الرأس، فقد علمت مما ذكرنا آنفا أن مذهب أبي حنيفة فيه: أنه إن حلق عضوا كاملا ففيه الفدية أو الدم، وإن حلق أقل من عضو، ففيه الصدقة، وأن حكم اللحية عنده كحكم الرأس، وحلق الربع فيهما كحلق الجميع.
ومذهب الشافعي أن حلق شعر الجسد غير الرأس كحكم حلق الرأس، فتلزم الفدية