أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٦
عباس، وطاوس، ومجاهد الثوري، وأبو ثور، وإسحاق، وغيرهم. ولم نتكلم على ما يلزمه إن عجز عن البدنة، وفي ذلك خلاف بين أهل العلم، فذهب بعضهم إلى أنه إن عجز عن البدنة كفته شاة، وممن قال به الثوري، وإسحاق، وذهب بعضهم: إلى أنه إن لم يجد بدنة فبقرة، فإن لم يجد بقرة فسبع من الغنم، فإن لم يجد أخرج بقيمة البدنة طعاما، فإن لم يجد صام عن كل مد يوما، وهذا هو مذهب الشافعي، وبه قال جماعة من أهل العلم. وعن أحمد رواية: أنه مخير بين هذه الخمسة المذكورة.
واعلم أن المفسد حجه بالجماع إذا قضاه على الوجه الذي أحرم به في حجه الفاسد، كأن يكون في حجه الفاسد مفردا ويقضيه مفردا أو قارنا، ويقضيه قارنا فلا إشكال في ذلك وكذلك إن كان مفردا في الحج الذي أفسده وقضاه قارنا فلا إشكال لأنه جاء بقضاء الحج مع زيادة العمرة، وأما إذا كان قارنا في الحج الذي أفسده ثم قضاه مفردا، فالظاهر أن الدم اللازم له بسبب القران لا يسقط عنه بإفراده في القضاء، خلافا لمن زعم ذلك.
وقال النووي في شرح المهذب: إذا وطئ القارن، فسد حجه وعمرته، ولزمه المضي في فاسدهما، وتلزمه بدنة للوطء، وشاة بسبب القران، فإذا قضى لزمته أيضا شاة أخرى، سواء قضى قارنا، أم مفردا لأنه توجه عليه القضاء قارنا، فإذا قضى مفردا لا يسقط عنه دم القران. قال العبدري: وبهذا كله قال مالك، وأحمد.
وقال أبو حنيفة: إن وطئ قبل طواف العمرة، فسد حجه وعمرته، ولزمه المضي في فاسدهما والقضاء، وعليه شاتان: شاة لإفساد الحج، وشاة لإفساد العمرة ويسقط عنه دم القران، فإن وطئ بعد طواف العمرة فسد حجه، وعليه قضاؤه وذبح شاة، ولا تفسد عمرته فتلزمه بدنة بسببها، ويسقط عنه دم القران.
قال ابن المنذر، وممن قال يلزمه هدي واحد: عطاء وابن جريج ومالك والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور. وقال الحكم: يلزمه هديان ا ه. من شرح المهذب.
وقد قدمنا أن الأظهر عندنا: أن الزوجين المفسدين حجهما بالجماع تلزم كل واحد منهما بدنة، إن كانت مطاوعة له، وهو مذهب مالك. وبه قال النخعي، وهو أحد القولين للشافعي.
قال النووي: قال ابن المنذر: وأوجب ابن عباس، وابن المسيب والضحاك والحكم، وحماد، والثوري، وأبو ثور على كل واحد منهما هديا، وقال النخعي ومالك:
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»