والأظهر أنهم قاسوا شعر الجسد على شعر الرأس، بجامع أن الكل قد يحصل بحلقه الترفه، والتنظف، والظاهر أن اجتهادهم في حلق بعض شعر الرأس يشبه بعض أنواع تحقيق المناط، والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثالث عشر في حكم قص المحرم أظافره أو بعضها:
وقد اختلف أهل العلم في ذلك، فالصحيح من مذهب مالك: أنه إن قلم ظفرين فصاعدا: لزمته الفدية مطلقا، وإن قلم ظفرا واحدا، الإماطة أذى عنه: لزمته الفدية أيضا، وإن قلمه لا لإماطة أذى: لزمه إطعام حفنة بيد واحدة.
قال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل في مختصره: وفي الظفر الواحد لا لإماطة الأذى حفنة، ما نصه: أما لو قلم ظفرين فلم أر في ابن عبد السلام والتوضيح، وابن فرحون في شرحه، ومناسكه وابن عرفة، والتادلي، والطراز وغيرهم خلافا في لزوم الفدية، ولم يفصلوا كما فصلوا في الظفر الواحد والله أعلم انتهى منه.
ولا ينبغي أن يختلف في أن الظفر إذا انكسر جاز أخذه، ولا شيء فيه، لأنه بعد الكسر لا ينمو فهو كحطب شجر الحرم. والله أعلم.
ومذهب الشافعي وأصحابه: أن حكم الأظفار كحكم الشعر، فإن قلم ثلاثة أظفار، فصاعدا، فعليه الفدية كاملة، وأظفار اليد والرجل في ذلك سواء، وإن قلم ظفرا واحدا أو ظفرين ففيه الأقوال الأربعة فيمن حلق شعرة واحدة أو شعرتين، وقد قدمنا أن أصحها عندهم أن في الشعرة: مدا، وفي الشعرتين: مدين، وباقي الأقوال المذكورة موضح قريبا ومذهب الإمام أحمد في الأظفار كمذهبه في الشعر، ففي أربعة أظفار، أو ثلاثة على الرواية الأخرى: فدية كاملة، وحكم الظفر الواحد كحكم الشعرة الواحدة، وحكم الظفرين كحكم الشعرتين. وقد تقدم موضحا قريبا.
ومذهب أبي حنيفة في هذه المسألة: أنه لو قص أظفار يديه ورجليه جميعا بمجلس واحد، أو قص أظفار يد واحدة كاملة في مجلس، أو رجل كذلك لزمه الدم، وإن قطع مثلا خمسة أظفار ثلاثة من يد واثنان من رجل، أو يد أخرى، أو عكس ذلك: فعليه الصدقة: وهي نصف صاع من بر عن كل ظفر، والمعروف عند الحنفية في باب الفدية: أن ما كان لعذر ففيه فدية الأذى المذكورة في الآية، وما كان لغير عذر ففيه الدم.