في ثلاث شعرات فصاعدا، سواء كانت من شعر الرأس أو غيره من الجسد، وفي الشعرة، أو الشعرتين من الجسد عندهم الأقوال الأربعة المتقدمة، وإن حلق شعر رأسه وشعر بدنة معا، لزمه عند الشافعي، وأصحابه: فدية واحدة، خلافا لأبي القاسم الأنماطي القائل: يلزمه فديتان، محتجا بأن شعر الرأس مخالف لشعر البدن، لأن النسك يتعلق بشعر الرأس، فيلزم حلقه، أو تقصيره بخلاف شعر البدن.
واحتج الشافعية بأنهما، وإن اختلف حكمهما في النسك فهما جنس واحد، فأجزأت لهما فدية واحدة.
ومذهب الإمام أحمد في هذه المسألة كمذهب الشافعي فشعر الرأس وشعر البدن حكمهما عنده سواء. وإن حلق شعر رأسه، وبدنه: فعليه فدية واحدة، وعنه رواية أخرى: أنه يلزمه دمان، إذا حلق من كل من الرأس، والجسد ما تجب به الفدية منفردا عن الآخر كقول الأنماطي المتقدم.
قال في المغني: وهو الذي ذكره القاضي، وابن عقيل، لأن الرأس يخالف البدن، بحصول التحلل به دون البدن، ولنا أن الشعر كله جنس واحد في البدن، فلم تتعدد الفدية فيه باختلاف مواضعه كسائر البدن، وكاللباس، ودعوى الاختلاف تبطل باللباس فإنه يجب كشف الرأس، دون غيره، والجزا في اللبس فيهما واحد.
وقال ابن قدامة في المغني أيضا: وإن حلق من رأسه شعرتين، ومن بدنه شعرتين فعليه دم واحد هذا ظاهر كلام الخرقي، واختيار أبي الخطاب، ومذهب أكثر الفقهاء. ومذهب مالك في هذه المسألة: أن شعر البدن كشعر الرأس فإن حلق من شعر بدنه ما فيه ترفه، أو إماطة أذى: لزمته الفدية، وإلا فالتصدق بحفنة بيد واحدة.
وسئل مالك: عن المحرم يتوضأ فيمر يديه على وجهه، أو يخلل لحيته في الوضوء، أو يدخل يده في أنفه لمخاط ينزعه، أو يمسح رأسه، أو يركب دابته، فيحلق ساقه إلا كاف أو السرج؟ قال مالك: ليس عليه في ذلك كله شيء، وهذا خفيف، ولا بد للناس منه انتهى بواسطة نقل الخطاب في كلامه على قول خليل، وتساقط شعر لوضوء أو ركوب ا ه.
وإذا علمت أقوال الأئمة رحمهم الله في شعر الجسد. فاعلم أني لا أعلم لشيء منها مستندا من نص كتاب، أو سنة.