أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٣٠
علي إن كان صادقا فيما رماني به من الزنى؛ كما هو واضح من نص الآية.
الجهة الثالثة: أن الله بين هنا حكم عقوبة من رمى المحصنات في الدنيا، ولم يبين ما أعد له في الآخرة، ولكنه بين في هذه السورة الكريمة ما أعد له في الدنيا والآخرة من عذاب الله، وذلك في قوله: * (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا فى الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون * يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) *، وقد زاد في هذه الآية الأخيرة كونهن مؤمنات غافلات لإيضاح صفاتهن الكريمة.
ووصفه تعالى للمحصنات في هذه الآية بكونهن غافلان ثناء عليهن بأنهن سليمات الصدور نقيات القلوب لا تخطر الريبة في قلوبهن لحسن سرائرهن، ليس فيهن دهاء ولا مكر؛ لأنهن لم يجربن الأمرو فلا يفطن لما تفطن له المجربات ذوات المكر والدهاء، وهذا النوع من سلامة الصدور وصفائها من الريبة من أحسن الثناء، وتطلق العرب على المتصفات به اسم البله مدحا لها لا ذما، ومنه قول حسان رضي الله عنه: وتطلق العرب على المتصفات به اسم البله مدحا لها لا ذما، ومنه قول حسان رضي الله عنه:
* نفج الحقيبة بوصها متنضد * بلهاء غير وشيكة الإقسام * وقول الآخر: وقول الآخر:
* ولقد لهوت بطفلة ميالة * بلهاء تطلعني على أسرارها * وقول الآخر: وقول الآخر:
* عهدت بها هندا وهند غريرة * عن الفحش بلهاء العشاء نؤم * * رداح الضحى ميالة بحترية * لها منطق بصبي الحليم رخيم * والظاهر أن قوله تعالى: * (لعنوا فى الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) *، محله فيما إذا لم يتوبوا ويصلحوا، فإن تابوا وأصلحوا، لم ينلهم شئ من ذلك الوعيد، ويدل له قوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) * إلى قوله: * (إلا الذين تابوا) *.
وعمومات نصوص الكتاب والسنة دالة على أن من تاب إلى الله من ذنبه توبة نصوحا
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»