أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٩
تعالى * (ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله) * فإن حلق شعر رأسه لأجل مرض، أو أذى ككثرة القمل في رأسه، فقد نص تعالى على ما يلزمه بقوله * ( ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) *.
وهذه الآية الكريمة نزلت في كعب بن عجرة رضي الله عنه، والتحقيق الذي لا شك فيه: أن الثلاثة المذكورة في الآية على سبيل التخيير بينها لأن لفظة أو في قوله * (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) * حرف تخيير، والتحقيق أن الصيام المذكور ثلاثة أيام، وأن الصدقة المذكورة ثلاثة آصع بين ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، وما سوى هذا فهو خلاف التحقيق.
وقد روى الشيخان في صحيحيهما، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: كان بي أذى من رأسي، فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: (ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ منك ما أرى، أتجد شاة؟ قلت: لا. فنزلت الآية * (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) * قال: هو صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين نصف صاع نصف صاع طعاما لكل مسكين) وفي رواية (أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فقال: كأن هوام رأسك تؤذيك؟ فقلت: أجل. قال: فاحلقه، واذبح شاة، أو صم ثلاثة أيام، أو تصدق بثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين) رواه مسلم، وأحمد، وأبو داود، ولأبي داود في رواية (فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، فرقا من زبيب، أو انسك شاة فحلقت رأسي ثم نسكت) وفي رواية عند البخاري، عن كعب بن عجرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: لعلك آذاك هوامك؟ قال: نعم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك بشاة) وفي رواية عند البخاري أيضا، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال (وقف علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، ورأسي يتهافت قملا فقال: يؤذيك هوامك؟ قلت: نعم. قال: فاحلق رأسك، أو قال: احلق قال: في نزلت هذه الآية * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه) * إلى آخرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفرق بين ستة، أو انسك بما تيسر) وفي رواية عند البخاري أيضا (فأنزل الله الفدية، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يطعم فرقا بين ستة أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام). وبعض هذه الروايات في صحيح مسلم وفيه غيرها بمعناها.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»