أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٠٧
مضطربة لا يتابع عليها. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة، حديثه لين. وقال ابن حبان: كان لا يدري ما يقول جعل أبا سفيان أبا الزبير، انتهى منه.
وقد رأيت كثرة الاختلاف في الأجلح المذكور إلا أن روايته لهذا الأثر عن الشعبي عن علي تعتضد برواية أبي الحصين له عن الشعبي، عن علي. وأبو حصين المذكور، هو بفتح الحاء، وهو عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي أخرج له الجميع، وقال فيه في (التقريب): ثقة ثبت سني وربما دلس، اه.
وإذا علمت أقوال أهل العلم في بداءة الشهود والإمام بالرجم وما احتج به كل منهم.
فاعلم: أن أظهر القولين هو قول من قال ببداءة الشهود أو الإمام، كما ذكرنا. وقول الإمام مالك رحمه الله: إنه لم يعلم أحدا من الأئمة فعله يقتضي أنه لم يبلغه أثر علي رضي الله عنه المذكور، ولو بلغه لعمل به، والظاهر أن له حكم الرفع؛ لأنه لا يظهر أنه يقال من جهة الرأي، وإن كان الكلام الذي قدمنا عن صاحب (المغني)، وصاحب (تبيين الحقائق) يقتضي أن مثله يقال بطريق الرأي للتعليل الذي عللوا به القول به. وقال صاحب (نصب الراية) بعد أن ذكر رواية البيهقي للأثر المذكور عن علي من طريق الأجلح، عن الشعبي ما نصه: ورواه أحمد في مسنده، عن يحيى بن سعيد، عن مجالد، عن الشعبي، ثم ساق متن رواية الإمام أحمد بنحو ما قدمنا، ثم قال: ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن يزيد، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى أن عليا رضي الله عنه، ثم ساق الأثر بنحو ما قدمنا. ثم قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن الحسن بن سعيد، عن عبد الرحمان بن عبد الله بن مسعود، عن علي، ثم ساق الأثر المذكور بنحو ما قدمنا، اه.
وهذه الروايات يعضد بعضها بعضا وهي تدل على أن عليا كان يقول ببداءة الإمام في الإقرار وبداءة الشهود في البينة، وإن كان له حكم الرفع فالأمر واضح، وإن كان له حكم الوقف فهي فتوى وفعل من خليفة راشد، ولم يعلم أن أحدا أنكر عليه، ولهذا استظهرنا بداءة البينة والإمام في الرجم، والعلم عند الله تعالى.
الفرع الخامس: اعلم أن المرجوم إذا هرب في أثناء الرجم عندما وجد ألم الضرب بالحجارة، فإن كان زناه ثابتا ببينة، فلا خلاف في أنهم يتبعونه حتى يدركوه، فيرجموه
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»