قال: سمعت الشعبي يحدث عن علي رضي الله عنه، حين رجم المرأة يوم الجمعة، وقال: قد رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى منه.
وقال ابن حجر في (الفتح) في الكلام على هذا الحديث، ما نصه في رواية علي بن الجعد: أن عليا أتي بامرأة زنت فضربها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة إلى آخر ما ذكره من الروايات، بأن عليا ضربها ورجمها، وهي شراحة الهمدانية كما تقدم. وفي رواية: أنها مولاة لسعيد بن قيس. ومن أدلتهم على الجمع بينهما أن الله تعالى قال: * (الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) *، واللفظ عام في البكر والمحصن، ثم جاءت السنة بالرجم في حق المحصن والتغريب سنة في حق البكر، فوجب الجمع بينهما عملا بدلالة الكتاب والسنة معا، كما قال علي رضي الله عنه، قالوا: وقد شرع في كل من المحصن والثيب عقوبتان: أما عقوبتا الثيب: فهما الجلد والرجم، وأما عقوبنا البكر: فهما الجلد والتغريب.
هذا هو حاصل ما احتج به الذين قالوا: إنه يجمع للمحصن بين الجلد والرجم.
وأما الذين قالوا: يرجم فقط، ولا يجلد فاحتجوا بأدلة.
منها: أنه صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا، ولم يجلده مع الرجم؛ لأن جميع الروايات في رجم ماعز بن مالك ليس في شئ منها أنه جلده مع الرجم بل ألفاظها كلها مقتصرة على الرجم، قالوا: ولو كان الجلد مع الرجم لم ينسخ لأمر بجلد ماعز مع الرجم، ولو أمر به لنقله بعض رواة القصة، قالوا: وقصة ماعز متأخرة عن حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي فيه التصريح بالجمع بينهما.
والدليل على أن حديث عبادة متقدم وأنه أول نص نزل في حد الزنا أن قوله صلى الله عليه وسلم فيه: (خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا) الحديث، يشير بجعل الله لهن سبيلا بالحد، إلى قوله تعالى: * (واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل) *، فالزواني كن محبوسات في البيوت إلى أحد أمرين: وهما الموت، أو جعل الله لهن سبيلا فلما قال صلى الله عليه وسلم: (قد جعل الله لهن سبيلا)، ثم فسر السبيل بحد الزنا علمنا بذلك أن حديث عبادة أول نص في حد الزنا، وأن قصة ماعز متأخرة عن ذلك.