أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٠٠
جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) *.
قوله تعالى: * (الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس) *. بين الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه يصطفي أي يختار رسلا من الملائكة، ومن الناس فرسل الناس لإبلاغ الوحي، ورسل الملائكة لذلك أيضا، وقد يرسلهم لغيره، وهذا الذي ذكره هنا من اصطفائه الرسل منهما جاء واضحا في غير هذا الموضع، كقوله في رسل الملائكة * (الحمد لله فاطر السماوات والا رض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع) *. وقوله في جبريل * (إنه لقول رسول كريم) * ومن ذكره إرسال الملائكة بغير الوحي قوله تعالى: * (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جآء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون) * وكقوله في رسل بني آدم * (الله أعلم حيث يجعل رسالته) * وقوله * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) *، وقوله * (ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا) *.
قوله تعالى: * (هو اجتباكم) *. أي اصطفاكم، واختاركم يا أمة محمد. ومعنى هذه الآية أوضحه بقوله * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) *.
قوله تعالى: * (وما جعل عليكم فى الدين من حرج) *. الحرج: الضيق كما أوضحناه في أول سورة الأعراف.
وقد بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أن هذه الحنيفية السمحة التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أنها مبينة على التخفيف والتيسير، لا على الضيق والحرج. وقد رفع الله فيها الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا.
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة ذكره جل وعلا في غير هذا لموضع كقوله تعالى * (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) * وقوله * (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) * وقد ثبت في صحيح مسلم من
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»