أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣١١
لأن مطلق حصول الخلاف فيه يكفي في ترجيح غيره عليه، وأما حجة صفي الدين الهندي والسبكي، على تقديم الذي دخله التخصيص فهي أن الغالب في العام التخصيص، والحمل على الغالب أولى، وأن ما دخله التخصيص يبعد تخصيصه مرة أخرى، بخلاف الباقي على عمومه. الوجه الثالث: أن عموم * (وأن تجمعوا بين الا ختين) * غير وارد في معرض مدح ولا ذم وعموم * (أو ما ملكت أيمانهم) * وارد في معرض مدح المتقين، والعام الوارد في معرض المدح أو الذم.
اختلف العلماء في اعتبار عمومه، فأكثر العلماء: على أن عمومه معتبر كقوله تعالى: * (إن الا برار لفى نعيم * وإن الفجار لفى جحيم) * فإنه يعم كل بر مع أنه للمدح، وكل فاجر مع أنه للذم قال في مراقي السعود: إن الا برار لفى نعيم * وإن الفجار لفى جحيم) * فإنه يعم كل بر مع أنه للمدح، وكل فاجر مع أنه للذم قال في مراقي السعود:
* وما أتى للمدح أو للذم * يعم عند جل أهل العلم * وخالف في ذلك بعض العلماء منهم: الإمام الشافعي رحمه الله، قائلا: إن العام الوارد في معرض المدح، أو الذم لا عموم له، لأن المقصود منه الحث في المدح والزجر في الذم، ولذا لم يأخذ الإمام الشافعي بعموم قوله تعالى: * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) * في الحلي المباح، لأن الآية سيقت الذم، فلا تعم عنده الحلي المباح.
وإذا علمت ذلك، فاعلم أن العام الذي لم يقترن بما يمنع اعتبار عمومه أولى من المقترن بما يمنع اعتبار عمومه، عند بعض العلماء.
الوجه الرابع: أنا لو سلمنا المعارضة بين الآيتين، فالأصل في الفروج التحريم، حتى يدل دليل لا معارض له على الإباحة.
الوجه الخامس: أن العموم المقتضي للتحريم أولى من المقتضي للإباحة، لأن ترك مباح أهو من ارتكاب حرام.
فهذه الأوجه الخمسة يرد بها استدلال داود الظاهري، ومن تبعه على إباحته جمع الأختين بملك اليمين، محتجا بقوله: * (أو ما ملكت أيمانهم) * ولكن داود يحتج بآية أخرى يعسر التخلص من الاحتجاج بها، بحسب المقرر في أصول الفقه المالكي والشافعي والحنبلي، وإيضاح ذلك أن المقرر في أصول الأئمة الثلاثة المذكورين أنه إن ورد استثناء
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»