خروجكم من قبوركم أحياء بعد الموت، كقوله: * (ويحى الا رض بعد موتها وكذلك تخرجون) * وقوله: * (وأحيينا به بلدة ميتا كذالك نخرج الموتى لعلكم تذكرون) * والآيات بمثل هذا كثيرة.
تنبيه في هذه الآية الكريمة سؤالان معروفان:
الأول: هو ما حكمة عطف المضارع في قوله: فتصبح على الماضي الذي هو أنزل؟
السؤال الثاني: ما وجه الرفع في قوله: فتصبح مع أن قبلها استفهاما؟
فالجواب عن الأول: أن النكتة في المضارع هي إفادة بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان كما تقول: أنعم على فلان عام كذا وكذا، فأروح وأغدو شاكرا له، ولو قلت: فغدوت ورحت، لم يقع ذلك الموقع، هكذا أجاب به الزمخشري.
والذي يظهر لي والله أعلم: أن التعبير بالمضارع يفيد استحضار الهيأة التي اتصفت بها الأرض: بعد نزول المطر، والماضي لا يفيد دوام استحضارها لأنه يفيد انقطاع الشيء، أما الرفع في قوله: فتصبح، فلأنه ليس مسببا عن الرؤية التي هي موضع الاستفهام، وإنما هو مسبب الإنزال في قوله: أنزل، والإنزال الذي هو سبب إصباح الأرض مخضرة ليس فيه استفهام، ومعلوم أن الفاء التي ينصب بعدها المضارع إن حذفت جاز جعل مدخولها جزاء للشرط، ولا يمكن أن تقول هنا: إن تر أن الله أنزل من السماء ماء، تصبح الأرض مخضرة، لأن الرؤية لا أثر لها البتة في اخضرار الأرض، بل سببه إنزال الماء لا رؤية إنزاله.
وقد قال الزمخشري في الكشاف في الجواب عن هذا السؤال: فإن قلت: فما له رفع ولم ينصب جوابا للاستفهام.
قلت: لو نصب لأعطى ما هو عكس الغرض، لأن معناه إثبات الاخضرار فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار.
مثاله: أن تقول لصاحبك: ألم تر أني أنعمت عليك فتشكر، إن تنصبه فأنت ناف لشكره شاك تفريطه، وإن رفعته فأنت مثبت للشكر، وهذا وأمثاله مما يجب أن يرغب له من