المراد بالذي سماهم المسلمين فيه: هو الله لا إبراهيم، وكذلك سياق الجمل المذكورة قبله نحو * (هو اجتباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج) * يناسبه أن يكون هو سماكم: أي الله المسلمين.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية بعد أن ذكر: أن الذي سماهم المسلمين من قبل وفي هذا: هو الله، لا إبراهيم ما نصه:
قلت: وهذا هو الصواب لأنه تعالى قال * (هو اجتباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج) * ثم حثهم وأغراهم على ما جاء به الرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ملة إبراهيم أبيهم الخليل، ثم ذكر منته تعالى على هذه الأمة بما نوه به من ذكرها، والثناء عليها في سالف الدهر، وقديم الزمان في كتاب الأنبياء، تتلى على الأحبار والرهبان فقال * (هو سماكم المسلمين من قبل) * أي من قبل هذا القرآن.
وفي هذا روى النسائي عند تفسير هذه الآية: أنبأنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن شعيب، أنبأنا معاوية بن سلام أن أخاه زيد بن سلام، أخبره عن أبي سلام أنه أخبره قال: أخبرني الحارث الأشعري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثى جهنم، قال رجل: يا رسول الله، وإن صام وإن صلى؟ قال: نعم وإن صام وإن صلى، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله) وقد قدمنا هذا الحديث بطوله عند تفسير قوله * (ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) * (البقرة: 12) ا ه من تفسير ابن كثير.
وقال ابن كثير في تفسير سورة البقرة: إن الحديث المذكور فيه أن الله هو الذي سماهم المسلمين المؤمنين.
قوله تعالى: * (ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهدآء على الناس) *. يعني: إنما اجتباكم، وفضلكم ونوه باسمكم المسلمين قبل نزول كتابكم، وزكاكم على ألسنة الرسل المتقدمين، فسماكم فيها المسلمين، وكذلك سماكم في هذا القرآن. وقد عرف بذلك أنكم أمة وسط عدول خيار مشهود بعدالتكم، لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة، أن الرسل بلغتهم رسالات ربهم، حين ينكر الكفار ذلك يوم القيامة، ويكون الرسول عليكم شهيدا، أنه بلغكم، وقيل: شهيدا على صدقكم فيما شهدتم به للرسل على أممهم من التبليغ.