أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٠٥
((سورة المؤمنون)) * (قد أفلح المؤمنون * الذين هم فى صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكواة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى ورآء ذالك فأولائك هم العادون * والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم على صلواتهم يحافظون) * قوله تعالى: * (قد أفلح المؤمنون * الذين هم فى صلاتهم خاشعون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآيات التي ابتدأ بها أول هذه السورة علامات المؤمنين المفلحين فقال * (قد أفلح المؤمنون) * أي فازوا وظفروا بخير الدنيا والآخرة.
وفلاح المؤمنين مذكور ذكرا كثيرا في القرآن كقوله * (وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) * وقوله * (الذين هم فى صلاتهم خاشعون) * أصل الخشوع: الكون، والطمأنينة، والانخفاض ومنه قول نابغة ذبيان: الذين هم فى صلاتهم خاشعون) * أصل الخشوع: الكون، والطمأنينة، والانخفاض ومنه قول نابغة ذبيان:
* رماد ككحل العين لأيا أبينه * ونؤى كجذم الحوض أثلم خاشع * وهو في الشرع: خشية من الله تكون في القلب، فتظهر آثارها على الجوارح.
وقد عد الله الخشوع من صفات الذين أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما في قوله في الأحزاب * (والخاشعين والخاشعات) * إلى قوله * (أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) *.
وقد عد الخشوع في الصلاة هنا من صفات المؤمنين المفلحين، الذين يرثون الفردوس، وبين أن من لم يتصف بهذا الخشوع تصعب عليه الصلاة في قوله * (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) * وقد استدل جماعة من أهل العلم بقوله * (الذين هم فى صلاتهم خاشعون) * على أن من خشوع المصلي: أن يكون نظره في صلاته إلى موضع سجوده، قالوا: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى السماء في الصلاة، فأنزل الله * (الذين هم فى صلاتهم خاشعون) * فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر حيث يسجد.
وقال صاحب الدر المنثور: وأخرج ابن مردويه، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»