أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤١٦
أركان الحج والعمرة؟ لا يصح واحد منهما بدونه، ولا يجبر بدم، أو هو واجب يجبر بدم، أو سنة لا يلزم بتركه دم؟ وممن قال: إنه ركن من أركان الحج والعمرة مالك والشافعي وأصحابهما، وأم المؤمنين عائشة، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، وهو رواية عن الإمام أحمد كما نقله النووي في شرح المهذب، وقال في شرح مسلم: مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم: أن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج، لا يصح إلا به، ولا يجبر بدم وممن قال بهذا: مالك والشافعي، وأحمد وإسحاق، وأبو ثور. انتهى محل الغرض منه، وعزوه إياه لأحمد، قد قدمنا فيه أنه إحدى الروايات عن أحمد.
وقال ابن قدامة في المغني: وروي عن أحمد أنه ركن لا يتم الحج إلا به، وهو قول عائشة، وعروة، ومالك، والشافعي.
وممن قال إنه واجب يجبر بدم: أبو حنيفة وأصحابه، والحسن، وقتادة، والثوري، وبه قال القاضي من الحنابلة، وذكره النووي رواية عن أحمد وقد رواه ابن القصار من المالكية، عن القاضي إسماعيل، عن مالك وقال ابن قدامة في المغني: إنه أولى. وذكر النووي عن طاوس أنه قال: من ترك من السعي أربعة أشواط لزمه دم، وإن ترك دونها لزمه لكل شوط نصف صاع. وليس هو بركن، ثم قال: وهو مذهب أبي حنيفة. انتهى.
وما قال النووي: إنه مذهب أبي حنيفة من أن ترك أقل السعي فيه الصدقة بنصف صاع عن كل شوط، عزاه شهاب الدين أحمد الشلبي في حاشيته على تبيين الحقائق، شرح كنز الدقائق للحاكم الشهيد في مختصره المسمى بالكافي ا ه.
ومعلوم أن مذهب أبي حنيفة في طواف الإفاضة، أن من ترك منه ثلاثة أشواط فأقل، فعليه دم، وحجه صحيح، وتفريقه بين الأقل والأكثر في الطواف الذي هو ركن يدل على التفريق بينهما في السعي، وممن روي عنه أن السعي بين الصفا والمروة سنة لا يلزم بتركه دم: ابن مسعود وأبي بن كعب، وأنس، وابن عباس، وابن الزبير، وابن سيرين.
وإذا علمت أقوال أهل العلم في السعي: فاعلم أنا نريد هنا أن نبين أدلة كل منهم على ما ذهب إليه مع مناقشتها.
فأما الذين قالوا: إنه ركن من أركان الحج والعمرة، فقد استدلوا لذلك بأدلة:
منها قوله تعالى: * (إن الصفا والمروة من شعآئر الله) *. قالوا:
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»