أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤١٩
المجزوم بلام الأمر، فكلتا الصيغتين صيغة أمر، ومن المعلوم أن الصيغ الدالة على الأمر أربع الأولى فعل الأمر نحو * (أقم الصلواة لدلوك الشمس) * وقوله (خذوا عني مناسككم).
الثانية: الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر كقوله تعالى * (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) * وقوله (لتأخذوا عني مناسككم) في رواية مسلم.
الثالثة: اسم فعل الأمر نحو قوله تعالى * (عليكم أنفسكم) *.
الرابعة: المصدر النائب عن فعله كقوله تعالى: * (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) * أي فاضربوا رقابهم.
ومن أدلتهم على أن السعي فرض لا بد منه ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما، عن عائشة رضي الله عنها قال البخاري رحمه الله في صحيحه: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال عروة: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها: أرأيت قوله تعالى: * (إن الصفا والمروة من شعآئر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * فوالله ما على أحد جناح ألا يطوف بالصفا والمروة. قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه، ألا يطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية، التي كانوا يعبدونها، عند المشلل فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا، والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى * (إن الصفا والمروة من شعآئر الله) * قالت عائشة رضي الله عنها: وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما، ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا العلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس إلا من ذكرت عائشة، ممن كان يهل بمناة كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر الله تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة، قالوا: يا رسول الله كنا نطوف بالصفا والمروة وإن الله أنزل الطواف بالبيت، فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا، والمروة؟ فأنزل الله تعالى * (إن الصفا والمروة من شعآئر الله) *. قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما،
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»