أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٩
حدثني خالد عن سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه: حدثه (أن النبي صلى الله عليه وسلم) انتهى من البخاري، وهو واضح في أنه طاف طواف الوداع ليلا ا ه. وحديث عائشة المتفق عليه يدل لذلك، وإلى هذا الجمع مال ابن القيم في زاد المعاد، ولو فرضنا أن أوجه الجمع غير مقنعة فحديث جابر، وعائشة، وابن عمر: أنه طاف طواف الزيارة نهارا أصح مما عارضها فيجب تقديمها عليه والعلم عند الله تعالى.
التنبيه الثاني: اعلم أنه جاء في بعض الروايات الصحيحة، ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف ماشيا، ومما يدل على ذلك الأحاديث الصحيحة التي سقناها سابقا، في أنه رمل ثلاثة أشواط، ومشى أربعا، فإن ذلك يدل على أنه ماش على رجليه لا راكب، مع أنه جاءت روايات أخر صحيحة تدل على أنه طاف راكبا.
قال البخاري في صحيحه: حدثنا أحمد بن صالح، ويحيى بن سليمان قالا: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما (طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن) تابعه الدراوردي، عن ابن أخ الزهري، عن عمه.
وقال مسلم في صحيحه: حدثني أبو الطاهر، وحرملة بن يحيى، قالا: أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن). حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن مسهر، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال (طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه، لأن يراه الناس وليشرف وليسألوه، فإن الناس قد غشوه).
وفي لفظ عن جابر عند مسلم (طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف وليسألوه، فإن الناس قد غشوه).
وقال مسلم في صحيحه أيضا: حدثني الحكم بن موسى القنطري، حدثنا شعيب بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة قالت (طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره يستلم الركن، كراهية أن يضرب عنه الناس) انتهى منه.
فهذه الأحاديث الصحيحة الثابتة عن ابن عباس، وجابر وعائشة، رضي الله عنهم، صريحة في أنه طاف راكبا.
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»