أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٦
وحديث ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم لصفية أن تنفر وهي حائض من غير وداع معروف.
الفرع السادس: في أول وقت طواف الإفاضة وآخره:
الظاهر أن أول وقته أول يوم النحر بعد الإفاضة من عرفة ومزدلفة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه طاف طواف الإفاضة، يوم النحر، بعد رمي جمرة العقبة، والنحر والحلق وقال (خذوا عني مناسككم) والشافعية، ومن وافقهم يقولون: إن أول وقته يدخل بنصف ليلة النحر، ولا أعلم لذلك دليلا مقنعا. وأما آخر وقت طواف الإفاضة، فلم يرد فيه نص، وجمهور العلماء على أنه لا آخر لوقته، بل يبقى وقته ما دام صاحب النسك حيا، ولكن العلماء اختلفوا في لزوم الدم بالتأخر. قال النووي في شرح المهذب: قد ذكرنا أن مذهبنا أن طواف الإفاضة لا آخر لوقته، بل يبقى ما دام حيا، ولا يلزمه بتأخيره دم، قال ابن المنذر: ولا أعلم خلافا بينهم في أن من أخره وفعله في أيام التشريق أجزأه ولا دم عليه، فإن أخره عن أيام التشريق. فقد قال جمهور العلماء كمذهبنا: لا دم. وممن قال به: عطاء، وعمرو بن دينار، وابن عيينة: وأبو ثور، وأبو يوسف ومحمد وابن المنذر، وهو رواية عن مالك. وقال أبو حنيفة: إن رجع إلى وطنه قبل الطواف: لزمه العود للطواف، فيطوف، وعليه دم للتأخير، وهو الرواية المشهورة عن مالك. دليلنا أن الأصل عدم الدم حتى يرد الشرع به. والله أعلم انتهى الغرض من كلام النووي.
ولزوم الدم بالتأخير فيه خلاف معروف عند المالكية، مع اتفاقهم على أن من أخره إلى انسلاخ شهر ذي الحجة عليه الدم.
الفرع السابع: لا خلاف بين العلماء في استحباب استلام الحجر الأسود للطائف، وجماهيرهم على تقبيله، وإن عجز وضع يده عليه، وقبلها خلافا لمالك قائلا: إنه يضعها على فيه من غير تقبيل. وقال النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون على استحباب استلام الحجر الأسود، ويستحب عندنا مع ذلك تقبيله والسجود عليه، بوضع الجبهة كما سبق بيانه، فإن عجز عن تقبيله قبل اليد بعده، وممن قال بتقبيل اليد: ابن عمر، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وسعيد بن جبير، وعطاء وعروة، وأيوب السختياني، والثوري، وأحمد، وإسحاق. حكاه عنهم ابن المنذر قال: وقال القاسم بن محمد ومالك: يضع يده على فيه من غير تقبيل.
قال ابن المنذر: وبالأول أقول: لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعلوه، وتبعهم جملة الناس عليه، ورويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأما السجود على الحجر الأسود، فحكاه ابن المنذر عن
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»