وقال (خذوا عني مناسككم) ومن فعله الذي بينه به: الوضوء له كما ثبت في الصحيحين، فعلينا أن نأخذه عنه إلا بدليل، ولم يرد دليل يخالف ما ذكرنا.
ومن أدلتهم على اشتراط الطهارة من الحدث للطواف: ما أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، قال البخاري رحمه الله في كتاب الحيض: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الرحمان بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، لا نذكر إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت الحديث. وفيه (فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) انتهى منه.
وأخرج مسلم في صحيحه حديث عائشة هذا بإسنادين عن عبد الرحمان بن القاسم، عن أبيه عنها بلفظ (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) وفي لفظ مسلم عنها (فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي) قالوا: فهذا الحديث المتفق عليه صرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم بنهي عائشة رضي الله عنها عن الطواف إلى غاية هي الطهارة لقوله (حتى تطهري) عند الشيخين و (حتى تغتسلي) عند مسلم ومنع الطواف في حالة الحدث، الذي هو الحيض إلى غاية الطهارة من جنابته: يدل مسلك الإيماء، والتنبيه على أن علة منعها من الطواف، هو الحدث الذي هو الحيض، فيفهم منه اشتراط الطهارة من الجنابة، للطواف كما ترى.
فإن قيل: يجوز أن تكون علة النهي عن طوافها، وهي حائض، أن الحائض لا تدخل المسجد.
فالجواب: أن نص الحديث يأبى هذا التعليل، لأنه صلى الله عليه وسلم قال (حتى تطهري حتى تغتسلي) ولو كان المراد ما ذكر لقال: حتى ينقطع عنك الدم.
قال النووي في شرح المهذب: فإن قيل: إنما نهاها، لأن الحائض لا تدخل المسجد.
قلنا: هذا فاسد لأنه صلى الله عليه وسلم قال (حتى تغتسلي) ولم يقل حتى ينقطع دمك، وهو ظاهر.
ومن أدلة الجمهور على اشتراط الطهارة في الطواف: ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الطواف بالبيت صلاة) الحديث. قال الزيلعي في نصب الراية: رواه ابن حبان في