عبد الله بن عمرو بن العاص، فقد قال صاحب نصب الراية أيضا: أخرجه الدارقطني أيضا، عن ابن لهيعة، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، عن أبيه، عن جده بنحوه. وابن لهيعة والعرزمي ضعيفان. قال الشيخ في الإمام: وقد أخرج الدارقطني هذا الحديث، عن جابر، وأنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن مسعود، وعائشة، وليس فيها إسناد يحتج به انتهى منه.
هذا هو حاصل روايات الأحاديث الواردة بتفسير السبيل في الآية: بالزاد، والراحلة. وقال غير واحد: إن هذا الحديث لا يثبت مسندا، وأنه ليس له طريق صحيحة، إلا الطريق التي أرسلها الحسن.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم: أن حديث الزاد والراحلة، المذكور ثابت لا يقل عن درجة الاحتجاج، لأن الطريقين اللتين أخرجهما به الحاكم في المستدرك عن أنس قال: كلتاهما صحيحة الإسناد، وأقر تصحيحهما الحافظ الذهبي، ولم يتعقبه بشيء والدعوى على سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة في روايتهما الحديث، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها غلط، وأن الصحيح عن قتادة عن الحسن مرسلا دعوى لا مستند لها، بل هي تغليط وتوهيم، للعدول المشهورين من غير استناد إلى دليل.
والصحيح عند المحققين من الأصوليين والمحدثين: أن الحديث إذا جاء من طريق صحيحة، وجاء من طرق أخرى غير صحيحة، فلا تكون تلك الطرق علة في الصحيحة، إذا كان رواتها لم يخالفوا جميع الحفاظ، بل انفراد الثقة العدل بما لم يخالف فيه غيره مقبول عند المحققين.
فرواية سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة: الحديث المذكور عن قتادة من أنس مرفوعا لم يخالفوا فيها غيرهم، بل حفظوا ما لم يحفظه غيرهم، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فادعاء الغلط عليهما بلا دليل غلط، وقول النووي في شرح المهذب، وروى الحاكم حديث أنس، وقال: وهو صحيح، ولكن الحاكم متساهل كما سبق بيانه مرات. والله أعلم.
يجاب عنه: بأنا لو سلمنا أن الحاكم متساهل في التصحيح، لا يلزم من ذلك أنه لا يقبل له تصحيح مطلقا. ورب تصحيح للحاكم مطابق للواقع في نفس الأمر، وتصحيحه لحديث أنس المذكور لم يتساهل فيه، ولذا لم يبد النووي وجها لتساهله فيه، ولم يتكلم