قرآن.
الأول: أن المعنى: من كان من الكفرة الحسدة له صلى الله عليه وسلم، يظن أن لن ينصره الله: أي أن لن ينصر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم * (فليمدد بسبب) * أي بحبل إلى السماء: أي سماء بيته، والمراد به السقف: لأن العرب تسمى كل ما علاك سماء كما قال:
* وقد يسمى سماء كل مرتفع * وإنما الفضل حيث الشمس والقمر * كما أوضحناه في سورة الحجر.
والمعنى: فليعقد رأس الحبل في خشبة السقف * (ثم ليقطع) * أي ليختنق بالحبل، فيشده في عنقه، ويتدلى مع الحبل المعلق في السقف حتى يموت، وإنما أطلق القطع على الاختناق، لأن الاختناق يقطع النفس بسبب حبس مجاريه، ولذا قيل للبهر وهو تتابع النفس: قطع، فلينظر إذا اختنق * (هل يذهبن كيده) * أي هل يذهب فعله ذلك ما يغيظه من نصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، في الدنيا والآخرة.
والمعنى: لا يذهب ذلك الذي فعله ذلك الكافر الحاسد ما يغيظه ويغضبه من نصر الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الزمخشري: وسمي فعله كيدا، لأنه وضعه موضع الكيد، حيث لم يقدر على غيره، أو على سبيل الاستهزاء لأنه لم يكد به محسوده، إنما كاد به نفسه، والمراد: ليس في يده إلا ما ليس بمذهب لما يغيظه ا ه منه.
وحاصل هذا القول: أن الله يقول لحاسديه صلى الله عليه وسلم، الذين يتربصون به الدوائر، ويظنون أن ربه لن ينصره: موتوا بغيظكم، فهو ناصره لا محالة على رغم أنوفكم، وممن قال بهذا القول: مجاهد، وقتادة، وعكرمة، وعطاء، وأبو الجوزاء، وغيرهم. كما نقله عنهم ابن كثير، وهو أظهرها عندي.
ومما يشهد لهذا المعنى من القرآن: قوله تعالى. * (وإذا خلوا عضوا عليكم الا نامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم) *.
الوجه الثاني: أن المعنى: من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، والحال أن النصر يأتيه صلى الله عليه وسلم من السماء، فليمدد بسبب إلى السماء فيرتقي بذلك السبب، حتى يصعد إلى السماء، فيقطع نزول الوحي من السماء، فيمنع النصر عنه صلى الله عليه وسلم.
والمعنى: أنه وإن غاظه نصر الله لنبيه. فليس له حيلة، ولا قدرة على منع النصر،