أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٢٩٢
* (كلمآ أرادوا أن يخرجوا منهآ أعيدوا فيها) *، وقوله في آية الحج هذه * (وذوقوا عذاب الحريق) * حذف فيه القول.
والمعنى: أعيدوا فيها، وقيل لهم ذوقوا عذاب الحريق، وهذا القول المحذوف في الحج صرح به في السجدة في قوله تعالى * (كلمآ أرادوا أن يخرجوا منهآ أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون) * والمفسرون يقولون: إن لهب النار يرفعهم، حتى يكاد يرميهم خارجها، فتضربهم خزنة النار بمقامع الحديد، فتردهم في قعرها، نعوذ بالله منها، ومن كل ما يقرب إليها من قول وعمل.
قوله تعالى: * (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذى جعلناه للناس سوآء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) *. اعلم أن خبر إن في قوله هنا * (إن الذين كفروا) * محذوف كما ترى.
والذي تدل عليه الآية أن التقدير: إن الذين كفروا، ويصدون عن سبيل الله، نذيقهم من عذاب أليم. كما دل على هذا قوله في آخر الآية * (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) * وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
فإن قيل: ما وجه عطف الفعل المضارع على الفعل الماضي، في قوله * (إن الذين كفروا ويصدون) *.
فالجواب: من أربعة أوجه: واحد منها ظاهر السقوط.
الأول: هو ما ذكره بعض علماء العربية من أن المضارع، قد لا يلاحظ فيه زمان معين من حال، أو استقبال، فيدل إذ ذاك على الاستمرار، ومنه * (ويصدون عن سبيل الله) * وقوله * (الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله) * قاله أبو حيان وغيره.
الثاني: أن يصدون خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: إن الذين كفروا، وهم يصدون، وعليه فالجملة المعطوفة اسمية لا فعلية، وهذا القول استحسنه القرطبي.
الثالث: أن يصدون مضارع أريد به الماضي: أي كفروا، وصدوا وليس بظاهر.
الرابع: أن الواو زائدة، وجملة يصدون خبر إن: أي إن الذين كفروا يصدون
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»