المسألة الثالثة: إذا أسقطت المرأة النطفة في طورها الثالث: أعني كونها مضغة: أي قطعة من لحم، فلذلك أربع حالات:
الأولى: أن يكون ظهر في تلك المضغة شيء من صورة الإنسان، كاليد والرجل، والرأس ونحو ذلك، فهذا تنقضي به العدة، وتلزم فيه الغرة، وتصير به أم ولد، وهذا لا خلاف فيه بين من يعتد به من أهل العلم.
الحالة الثانية: أن تكون المضغة المذكورة لم يتبين فيها شيء من خلق الإنسان، ولكن شهدت ثقات من القوابل أنهن اطلعن فيها على تخطيط، وتصوير خفي، والأظهر في هذه الحالة: أن حكمها كحكم التي قبلها لأنه قد تبين بشهادة أهل المعرفة، أن تلك المضغة جنين لما اطلعوا عليه فيها من الصورة الخفية.
الحالة الثالثة: هي أن تكون تلك المضغة المذكورة، ليس فيها تخطيط، ولا تصوير ظاهر، ولا خفي، ولكن شهدت ثقات من القوابل أنها مبدأ خلق آدمي.
وهذه الصورة فيها للعلماء خلاف. فقال بعض أهل العلم: لا تنقضي عدتها بها، ولا تصير أم ولد، ولا يجب على الضارب المسقط لها الغرة.
قال ابن قدامة في المغني: وهذا ظاهر كلام الخرقي والشافعي، وظاهر ما نقله الأثرم عن الإمام أحمد رحمه الله، وظاهر كلام الحسن والشعبي، وسائر من اشترط أن يتبين فيه شيء من خلق الإنسان، لأنه لم يتبين فيه شيء من خلق الآدمي، فأشبه النطفة والعلقة.
وقال بعض أهل العلم: تنقضي عدتها بوضع المضغة المذكورة، وتصير به أم ولد، وتجب فيها الغرة، وهو رواية عن الإمام أحمد.
وقال بعض أهل العلم: لا تنقضي بها العدة، وتصير به أم ولد.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم: أنه إذا شهد ثقات من القوابل العارفات، بأن تلك المضغة مبدأ جنين، وأنها لو بقيت لتخلقت إنسانا، أنها تنقضي بها العدة، وتصير بها الأمة أم ولد، وتجب بها الغرة على الجاني. والله تعالى أعلم.
الحالة الرابعة: أن تكون تلك المضغة، ليس فيها تصوير ظاهر، ولا خفي، ولم تشهد القوابل بأنها مبدأ إنسان، فحكم هذه كحكم العلقة: وقد قدمناه قريبا مستوفى.
المسألة الرابعة: إذا أسقطت المرأة جنينها ميتا بعد أن كملت فيه صورة الآدمي، فلا