أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ١٤٨
ويقول: إنها لا تنفع من عبدها، ولا تضر من لم يعبدها، وهم مع هذا كله كافرون بذكر الرحمان. فالخطاب في قوله * (وإذا رآك) * للنبي صلى الله عليه وسلم. و (إن) في قوله * (إن يتخذونك) * نافية. والاستفهام في قوله * (أهاذا الذى يذكر آلهتكم) * قال فيه أبو حيان في البحر: إنه للإنكار والتعجيب. والذي يظهر لي أنهم يريدون بالاستفهام المذكور التحقير بالنبي صلى الله عليه وسلم، كما تدل عليه قرينة قوله * (إن يتخذونك إلا هزوا) *. وقد تقرر في فن المعاني: أن من الأغراض التي تؤدي بالاستفهام التحقير. وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: إن جواب (إذا) هو القول المحذوف، وتقديره: وإذا رءاك الذين كفروا يقولون أهذا الذي يذكر آلهتكم. وقال: إن جملة * (إن يتخذونك إلا هزوا) * جملة معترضة بين إذا وجوابها. واختار أبو حيان في البحر أن جواب (إذا) هو جملة * (إن يتخذونك) * وقال: إن جواب إذا بجملة مصدرة ب (إن) أو ما النافيتين لا يحتاج إلى الاقتران بالفاء. وقوله * (يذكر آلهتكم) * أي يعيبها. ومن إطلاق الذكر بمعنى العيب قوله تعالى: * (قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) * أي يعيبهم. وقول عنترة: قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) * أي يعيبهم. وقول عنترة:
* لا تذكري مهري وما أطعمته * فيكون جلدك مثل جلد الأجرب * أي لا تعيبي مهري، قاله القرطبي.
وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة: الذكر يكون بخير وبخلافه. فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد، كقولك للرجل: سمعت فلانا يذكرك، فإذا كان الذاكر صديقا فهو ثناء. وإن كان عدوا فذم، ومنه قوله تعالى: * (سمعنا فتى يذكرهم) *، وقوله: * (أهاذا الذى يذكر آلهتكم) * انتهى محل الغرض منه. والجملة في قوله: * (وهم بذكر الرحمان هم كافرون) * حالية. وقال بعض أهل العلم: معنى كفرهم بذكر الرحمن هو الموضح في قوله تعالى * (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) *، وقولهم: ما نعرف الرحمن إلا رحمان، اليمامة، يعنون مسيلمة الكذاب. وقد بين ابن جرير الطبري وغيره: أن إنكارهم لمعرفتهم الرحمن تجاهل منهم ومعاندة مع أنهم يعرفون أن الرحمن من أسماء الله تعالى. قال: وقال بعض شعراء الجاهلية الجهلاء: وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) *، وقولهم: ما نعرف الرحمن إلا رحمان، اليمامة، يعنون مسيلمة الكذاب. وقد بين ابن جرير الطبري وغيره: أن إنكارهم لمعرفتهم الرحمن تجاهل منهم ومعاندة مع أنهم يعرفون أن الرحمن من أسماء الله تعالى. قال: وقال بعض شعراء الجاهلية الجهلاء:
* ألا ضربت تلك الفتاة هجينها * ألا قطع الرحمن ربي يمينها * وقال سلامة بن جندل الطهوي:
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»