: فإن قلت كيف عدى (وسوس) تارة باللام في قوله * (فوسوس لهما الشيطان) * وأخرى بإلى؟ قلت: وسوسة الشيطان كولولة الثكلى، ووعوعة الذئب، ووقوقة الدجاجة، في أنها حكايات للأصوات، وحكمها حكم صوت وأجرس. ومنه وسوس المبرسم وهو موسوس بالكسر والفتح لحن. وأنشد ابن الأعرابي: وأنشد ابن الأعرابي:
* وسوس يدعو مخلصا رب الفلق *......
* فإذا قلت: وسوس له. فمعناه لأجله. كقوله: فإذا قلت: وسوس له. فمعناه لأجله. كقوله:
* أجرس لها يا ابن أبي كباش * فما لها الليلة من إنفاش * ومعنى * (فوسوس إليه) * أنهى إليه الوسوسة. كقوله: حدث إليه وأسر إليه ا ه منه. وهذا الذي أشرنا إليه هو معنى الخلاف المشهور بين البصريين والكوفيين في تعاقب حروف البحر. وإتيان بعضها مكان بعض هل هو بالنظر إلى التضمين، أو لأن الحروف يأتي بعضها بمعنى بعض؟ وسنذكر مثالا واحدا من ذلك يتضح به المقصود. فقوله تعالى مثلا: * (ونصرناه من القوم الذين كذبوا بأاياتنا) *، على القول بالتضمين. فالحرف الذي هو (من) وارد في معناه لكن (نصر) هنا مضمنة معنى الإنجاء والتخليص، أي أنجيناه وخلصناه من الذين كذبوا بآياتنا. والإنجاء مثلا يتعدى بمن. وعلى القول الثاني ف (نصر) وارد في معناه، لكن (من) بمعنى على، أي نصرناه على القوم الذين كذبوا الآية، وهكذا في كل ما يشاكله.
وقد قدمنا في سورة (الكهف) أن اختلاف العلماء في تعيين الشجرة التي نهى الله آدم عن الأكل منها اختلاف لا طائل تحته، لعدم الدليل على تعيينها، وعدم الفائدة في معرفة عينها. وبعضهم بقول: هي السنبلة. وبعضهم يقول: هي شجرة الكرم. وبعضهم يقول: هي شجرة التين، إلى غير ذلك من الأقوال. قوله تعالى: * (فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) *. الفاء في قوله * (فأكلا) * تدل على أن سبب أكلهما هو وسوسة الشيطان المذكورة قبله في قوله: * (فوسوس إليه الشيطان) * أي فأكلا منها بسبب تلك الوسوسة. وكذلك الفاء في قوله: * (فبدت لهما سوءاتهما) * تدل على أن سبب ذلك هو أكلهما من الشجرة