أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ١١٠
شرب (الزق الروي) مع التناسب في ذلك. وغرضه أن يعدد ملاذه ومفاخره ويكثرها. كله كلام لا حاجة له لظهور المناسبة بين المذكورات في الآية كما أوضحنا، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (فوسوس إليه الشيطان قال ياأادم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) *. الوسوسة والوسواس: الصوت الخفي. ويقال لهمس الصائد والكلاب، وصوت الحلي: وسواس. والوسوس بكسر الواو الأول مصدر، وبفتحها الاسم، وهو أيضا من أسماء الشيطان، كما في قوله تعالى: * (من شر الوسواس الخناس) * ويقال لحديث النفس: وسواس ووسوسة. ومن إطلاق الوسواس على صوت الحلي قول الأعشى: من شر الوسواس الخناس) * ويقال لحديث النفس: وسواس ووسوسة. ومن إطلاق الوسواس على صوت الحلي قول الأعشى:
* تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت * كما استعان بريح عشرق زجل * ومن إطلاقه على همس الصائد قول ذي الرمة: ومن إطلاقه على همس الصائد قول ذي الرمة:
* فبات يشئزه ثأد ويسهره * تذؤب الريح والوسواس والهضب * وقول رؤبة: وقول رؤبة:
* وسوس يدعو مخلصا رب الفلق * سرا وقد أون تأوين العقق * وإذا علمت ذلك فاعلم أن قوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (فوسوس إليه الشيطان) * أي كلمه كلاما خفيا فسمعه منه آدم وفهمه. والدليل على أن الوسوسة المذكورة في هذه الآية الكريمة كلام من إبليس سمعه آدم وفهمه أنه فسر الوسوسة في هذه الآية بأنها قول، وذلك في قوله * (فوسوس إليه الشيطان قال ياأادم هل أدلك على شجرة الخلد) *. فالقول المذكور هو الوسوسة المذكورة. وقد أوضح هذا في سورة (الأعراف) وبين أنه وسوس إلى حواء أيضا مع آدم، وذلك في قوله: * (فوسوس لهما الشيطان) * إلى قوله * (وقاسمهمآ إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور) * لأن تصريحه تعالى في آية (الأعراف) هذه بأن إبليس قاسمهما أي حلف لهما على أنه ناصح لهما فيما ادعاه من الكذب دليل واضح على أن الوسوسة المذكورة كلام مسموع. واعلم أن في وسوسة الشيطان إلى آدم إشكالا
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»