أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ١٠٢
وقوله في هذه الآية الكريمة: * (للحى القيوم) * الحي: المتصف بالحياة الذي لا يموت أبدا. والقيوم صيغة مبالغة. لأنه جل وعلا هو القائم بتدبير شؤون جميع الخلق. وهو القائم على كل نفس بما كسبت. وقيل: القيوم الدائم الذي لا يزول. قوله تعالى: * (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من يعمل من الصالحات وهو مؤمن بربه فإنه لا يخاف ظلما ولا هضما. وقد بين هذا المعنى في غير هذا الموضع. كقوله تعالى: * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) *، وقوله: * (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولاكن الناس أنفسهم يظلمون) *، وقوله تعالى: * (ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) * إلى غير ذلك من الآيات، كما قدمنا ذلك.
وفرق بعض أهل العلم بين الظلم والهضم: بأن الظلم المنع من الحق كله. والهضم: النقص والمنع من بعض الحق. فكل هضم ظلم، ولا ينعكس. ومن إطلاق الهضم على ما ذكر قول المتوكل الليثي: وفرق بعض أهل العلم بين الظلم والهضم: بأن الظلم المنع من الحق كله. والهضم: النقص والمنع من بعض الحق. فكل هضم ظلم، ولا ينعكس. ومن إطلاق الهضم على ما ذكر قول المتوكل الليثي:
* إن الأذلة واللئام لمعشر * مولاهم المتهضم المظلوم * فالمتهضم: اسم مفعول تهضمه إذا اهتضمه في بعض حقوقه وظلمه فيها. وقرأ هذا الحرف عامة السبعة ما عدا ابن كثير * (بربه فلا يخاف) * بضم الفاء وبألف بعد الخاء مرفوعا ولا نافية. أي فهو لا يخاف، أو فإنه لا يخاف. وقرأه ابن كثير (فلا يخف) بالجزم من غير ألف بعد الخاء. وعليه ف (لا) ناهية جازمة المضارع. وقول القرطبي في تفسيره: إنه على قراءة ابن كثير مجزوم. لأنه جواب لقوله * (ومن يعمل) * غلط منه رحمه الله. لأن الفاء في قوله * (فلا يخاف) * مانعة من ذلك. والتحقيق هو ما ذكرنا من أن (لا) ناهية على قراءة ابن كثير، والجملة الطلبية جزاء الشرط، فيلزم اقترانها بالفاء. لأنها لا تصلح فعلا للشرط كما قدمناه مرارا.
وقوله تعالى: * (وكذالك أنزلناه قرءانا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد) *.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة (الكهف) فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
* (فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرءان من قبل إن يقضى إليك وحيه وقل رب زدنى علما * ولقد عهدنآ إلىءادم من قبل فنسى ولم نجد له عزما * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى * فقلنا ياأادم إن هاذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى * إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمؤا فيها ولا تضحى * فوسوس إليه الشيطان قال ياأادم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) * قوله تعالى: * (ولا تعجل بالقرءان من قبل إن يقضى إليك وحيه وقل رب زدنى علما) *
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»