وقال العلامة العلوي الشنقيطي في (نشر البنود شرح مراقي السعود) في الكلام على قوله: وحاصل كلامه: عصمتهم من الكبائر، ومن صغائر الخسة دون غيرها من الصغائر. وقال العلامة العلوي الشنقيطي في (نشر البنود شرح مراقي السعود) في الكلام على قوله:
* والأنبياء عصموا مما نهوا * عنه ولم يكن لهم تفكه * * بجائز بل ذاك للتشريع * أو نية الزلفى من الرفيع * ما نصه: فقد أجمع أهل الملل والشرائع كلها على وجوب عصمتهم من تعمد الكذب فيما دل المعجز القاطع على صدقهم فيه. كدعوى الرسالة، وما يبلغونه عن الله تعالى الخلائق. وصدور الكذب عنهم فيما ذكر سهوا أو نسيانا منعه الأكثرون وما سوى الكذب في التبليغ. فإن كان كفرا فقد أجمعت الأمة على عصمتهم منه قبل النبوة وبعدها، وإن كان غيره فالجمهور على عصمتهم من الكبائر عمدا. ومخالف الجمهور الحشوية.
واختلف أهل الحق: هل المانع لوقوع الكبائر منهم عمدا العقل أو السمع؟ وأما المعتزلة فالعقل، وإن كان سهوا فالمختار العصمة منها. وأما الصغائر عمدا أو سهوا فقد جوزها الجمهور عقلا. لكنها لا تقع منهم غير صغائر الخسة فلا لا يجوز وقوعها منهم لا عمدا ولا سهوا انتهى منه.
وحاصل كلامه: عصمتهم من الكذب فيما يبلغونه عن الله ومن الكفر والكبائر وصغائر الخسة. وأن الجمهور على جواز وقوع الصغائر الأخرى منهم عقلا. غير أن ذلك لم يقع فعلا. وقال أبو حيان في البحر في سورة (البقرة) وفي المنتخب للإمام أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي ما ملخصه: منعت الأمة وقوع الكفر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إلا الفضيلية من الخوارج قالوا: وقد وقع منهم ذنوب والذنب عندهم كفر. وأجاز الإمامية إظهار الكفر منهم على سبيل التقية. واجتمعت الأمة على عصمتهم من الكذب والتحريف فيما يتعلق بالتبليغ، فلا يجوز عمدا ولا سهوا. ومن الناس من جوز ذلك سهوا. وأجمعوا على امتناع خطئهم في الفتيا عمدا. واختلفوا في السهو. وأما أفعالهم فقالت الحشوية: يجوز وقوع الكبائر منهم على جهة العمد. وقال أكثر المعتزلة: بجواز الصغائر عمدا إلا في القول كالكذب. وقال الجبائي: يمتنعان عليهم إلا على جهة التأويل. وقيل: يمتنعان عليهم إلا على جهة السهو والخطأ، وهم مأخوذون بذلك وإن كان موضوعا عن أمتهم. وقالت الرافضة يمتنع ذلك على كل جهة.
واختلف في وقت العصمة. فقالت الرافضة: من وقت مولدهم. وقال كثير من المعتزلة: من وقت النبوة. والمختار عندنا أنه لم يصدر عنهم ذنب حالة النبوة البتة لا الكبيرة ولا الصغيرة. لأنهم لو صدر عنهم الذنب لكانوا أقل درجة من عصاة الأمة