أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ١٠
أي خالق النور المانع من رؤيته، فيكون من صفات الأفعال.
قال القاضي عياض رحمه الله: هذه الرواية لم تقع إليناا ولا رأيناها في شيء من الأصول اه محل الغرض من كلام النووي.
قال مقيده عفا الله عنه: التحقيق الذي لا شك فيه هو: أن معنى الحديث هو ما ذكر، من كونه لا يتمكن أحد من رؤيته لقوة النور الذي هو حجابه. ومن أصرح الأدلة على ذلك أيضا حديث أبي موسى المتفق عليه (حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (نورا أني أراه)؟. أي كيف أراه وحجابه نور، من صفته أنه لو كشفه لأحرق ما انتهى إليه بصره من خلقه.
وقد قدمنا: أن تحقيق المقام في رؤية الله جل وعلا بالأبصار أنها جائزة عقلا في الدنيا والآخرة، بدليل قول موسى * (رب أرنى أنظر إليك) * لأنه لا يجهل المستحيل في حقه جل وعلا. وأنها جائزة شرعا وواقعة يوم القيامة، ممتنعة شرعا في الدنيا قال: * (لن ترانى ولاكن انظر إلى الجبل) * إلى قوله * (جعله دكا) *.
ومن أصرح الأدلة في ذلك حديث (إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا) في صحيح مسلم وصحيح ابن خزيمة كما تقدم.
وأما قوله: * (ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين) * فذلك جبريل على التحقيق، لا الله جل وعلا. قوله تعالى: * (الذى باركنا حوله) *. أظهر التفسيرات فيه: أن معنى * (باركنا حوله) * أكثرنا حوله الخير والبركة بالأشجار والثمار والأنهار. وقد وردت آيات تدل على هذا. كقوله تعالى: * (ونجيناه ولوطا إلى الا رض التى باركنا فيها للعالمين) *، وقوله: * (ولسليمان الريح عاصفة تجرى بأمره إلى الا رض التى باركنا فيها وكنا بكل شىء عالمين) * فإن المراد بتلك الأرض: الشام. والمراد بأنه بارك فيها: أنه أكثر فيها البركة والخير بالخصب والأشجار والثمار والمياه. كما عليه جمهور العلماء.
وقال بعض العلماء: المراد بأنه بارك فيها أنه بعث الأنبياء منها. وقيل غير ذلك. والعلم عند الله تعالى
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»