قوله: * (وترى الشمس إذا طلعت) *. والمجرمون: جمع المجرم، وهو اسم فاعل الإجرام. والإجرام: ارتكاب الجريمة، وهي الذنب العظيم الذي يستحق صاحبه عليه النكال. ومعنى كونهم (مشفقين مما فيه): أنهم خائفون مما في ذلك الكتاب من كشف أعمالهم السيئة، وفضيحتهم على رؤوس الأشهاد، وما يترتب على ذلك من العذاب السرمدي. وقولهم * (ياويلتنا) * الويلة: الهلكة، وقد نادوا هلكتهم التي هلكوها خاصة من بين الهلكات فقالوا: يا ويلتناا أي يا هلكتنا احضري فهذا أوان حضوركا وقال أبو حيان في البحر: المراد من بحضرتهم: كأنهم قالوا: يا من بحضرتنا انظروا هلكتنا. وكذا ما جاء من نداء ما لا يعقل كقوله * (ياأسفا على يوسف) *، * (ياحسرتى على ما فرطت فى جنب الله) *، * (ياويلنا من بعثنا من مرقدنا) *، وقوله: يا عجبا لهذه الفليقة، فيا عجبا من رحلها المتحمل، إنما يراد به تنبيه من يعقل بالتعجب مما حل بالمنادى انتهى كلام أبي حيان. وحاصل ما ذكره: أن أداة النداء في قوله (يا ويلتنا) ينادى بها محذوف، وأن ما بعدها مفعول فعل محذوف، والتقدير كما ذكره: يا من بحضرتنا انظروا هلكتنا. ومعلوم أن حذف المنادى مع إثبات أداة النداء، ودلالة القرينة على المنادى المحذوف مسموع في كلام العرب. ومنه قول عنترة في معلقته: ياويلنا من بعثنا من مرقدنا) *، وقوله: يا عجبا لهذه الفليقة، فيا عجبا من رحلها المتحمل، إنما يراد به تنبيه من يعقل بالتعجب مما حل بالمنادى انتهى كلام أبي حيان. وحاصل ما ذكره: أن أداة النداء في قوله (يا ويلتنا) ينادى بها محذوف، وأن ما بعدها مفعول فعل محذوف، والتقدير كما ذكره : يا من بحضرتنا انظروا هلكتنا. ومعلوم أن حذف المنادى مع إثبات أداة النداء، ودلالة القرينة على المنادى المحذوف مسموع في كلام العرب. ومنه قول عنترة في معلقته:
* يا شاة ما قنص لمن حلت له * حرمت على وليتها لم تحرم * يعني: يا قوم انظروا شاة قنص. وقول ذي الرمة: يعني: يا قوم انظروا شاة قنص. وقول ذي الرمة:
* ألا يا اسلمي يا دارمي على البلا * ولا زال منهلا بجر عائك القطر * يعني: يا هذه اسلمي. وقوله تعالى: * (ما لهاذا الكتاب) * أي أي شيء ثبت لهذا الكتاب * (لا يغادر) * أي لا يترك * (صغيرة ولا كبيرة) * أي من المعاصي. وقول من قال: الصغيرة القبلة، والكبيرة الزنى، ونحو ذلك من الأقوال في الآية إنما هو على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر. وللعلماء اختلاف كثير في تعريف الكبيرة معروف في الأصول. وقد صرح تعالى بأن المنهيات منها كبائر. ويفهم من ذلك أن منها صغائر. وبين أن اجتناب الكبائر يكفر الله به الصغائر. وذلك في قوله: * (إن تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) *. ويروى عن الفضيل بن عياض في هذه الآية أنه