أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٩
قال: ضجوا من الصغائر قبل الكبائر. وجملة (لا يغادر) حال من (الكتاب).
تنبيه هذه الآية الكريمة يفهم منها أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة. لأنهم وجدوا في كتاب أعمالهم صغائر ذنوبهم محصاة عليهم، فلو كانوا غير مخاطبين بها لما سجلت عليهم في كتاب أعمالهم. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ووجدوا ما عملوا حاضرا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنهم في يوم القيامة يجدون أعمالهم التي عملوها في الدنيا حاضرة محصاة عليهم. وأوضح هذا أيضا في غير هذا الموضع، كقوله: * (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) *، وقوله تعالى: * (هنالك تبلوا كل نفس مآ أسلفت) *، وقوله: * (ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر) *، وقوله: * (يوم تبلى السرآئر) * إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (ولا يظلم ربك أحدا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه لا يظلم أحدا، فلا ينقص من حسنات محسن، ولا يزيد من سيئات مسيء، ولا يعاقب على غير ذنب.
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله: * (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولاكن الناس أنفسهم يظلمون) *، وقوله تعالى: * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) *، وقوله تعالى: * (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) *، وقوله: * (وما ربك بظلام للعبيد) * وقوله: * (وما ظلمهم الله ولاكن كانوا أنفسهم يظلمون) *، وقوله: * (وما ظلمناهم ولاكن كانوا أنفسهم يظلمون) * والآيات بمثل ذلك كثيرة. قوله تعالى: * (وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) *. قدمنا في سورة (البقرة) أن قوله تعالى: * (اسجدوا لادم) * محتمل لأن يكون أمرهم بذلك قبل وجود آدم أمرا معلقا على وجوده. ومحتمل لأنه أمرهم بذلك تنجيزا بعد وجود آدم. وأنه جل وعلا بين في سورة (الحجر) وسورة (ص) أن أصل
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»