أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٦
وقوله * (سواك) * أي خلقك مستوي الأجزاء، معتدل القامة والخلق، صحيح الأعضاء في أكمل صورة، وأحسن تقويم. كقوله تعالى: * (ذلك بأنهم شآقوا الله ورسوله ومن) *، وقوله: * (وصوركم فأحسن صوركم) *، وقوله: * (ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذى خلقك فسواك فعدلك فى أى صورة ما شآء) *، وقوله (رجلا) أي ذكرا بالغا مبلغ الرجال، وربما قالت العرب للمرأة: رجلة، ومنه قول الشاعر: فى أى صورة ما شآء) *، وقوله (رجلا) أي ذكرا بالغا مبلغ الرجال، وربما قالت العرب للمرأة: رجلة، ومنه قول الشاعر:
* كل جار ظل مغتبطا * غير جيران بني جبلة * * مزقوا ثوب فتاتهم * لم يراعوا حرمة الرجلة * وانتصاب (رجلا) على الحال. وقيل مفعول ثان لسوى على تضمينه معنى جعلك أو صيرك رجلا. وقيل: هو تمييز. وليس بظاهر عندي، والظاهر أن الإنكار المدلول عليه بهمزة الإنكار في قوله * (أكفرت بالذى خلقك من تراب) * مضمن معنى الاستبعاد، لأنه يستبعد جدا كفر المخلوق بخالقه، الذي أبرزه من العدم إلى الوجود، ويستبعد إنكار البعث ممن علم الله أن الله خلقه من تراب، ثم من نطفة، ثم سواه رجلا. كقوله: * (ياأيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب) *. ونظير الآية في الدلالة على الاستعباد لوجود موجبه قول الشاعر: ياأيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب) *. ونظير الآية في الدلالة على الاستعباد لوجود موجبه قول الشاعر:
* ولا يكشف الغماء إلا ابن حرة * يرى غمرات الموت ثم يزورها * لأن من عاين غمرات الموت يستبعد منه اقتحامها.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (لكن هو الله ربى ولا أشرك بربى أحدا) * بين فيه أن هذا الرجل المؤمن قال لصاحبه الكافر: أنت كافرا لكن أنا لست بكافرا بل مخلص عبادتي لربي الذي خلقني. أي لأنه هو الذي يستحق في أن أعبده، لأن المخلوق محتاج مثلي إلى خالق يخلقه، تلزمه عبادة خالقه كما تلزمني. ونظير قول هذا المؤمن ما قدمنا عن الرجل المؤمن المذكور في (يس) في قوله تعالى: * (وما لى لا أعبد الذى فطرنى) * أي أبدعني وخلقني وإليه ترجعون. وما قدمنا عن إبراهيم في قوله: * (فإنهم عدو لى إلا رب العالمين الذى خلقنى فهو يهدين) *، وقوله: * (إننى برآء مما تعبدون إلا الذى فطرنى) *.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»