أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٠
ابن حجر رحمه الله في (الكافي الشاف، في تخريج أحاديث الكشاف): أخرجه الترمذي من طريق رشدين ابن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، واستغربه وقال: لا يعرف إلا من حديث رشدين بن سعد، وتعقب قوله بأن أحمد وأبا يعلى أخرجاه من طريق ابن لهيعة عن دراج، وبأن ابن حبان والحاكم أخرجاه من طريق وهب عن عمرو بن الحارث.
وقوله في هذه الآية الكريمة: * (بئس الشراب) * المخصوص بالذم فيه محذوف، تقديره: بئس الشراب ذلك الماء الذي يغاثون به. والضمير الفاعل في قوله (ساءت) عائد إلى النار. والمرتفق: مكان الارتفاق. وأصله أن يتكئ الإنسان معتمدا على مرفقه. وللعلماء في المراد بالمرتفق في الآية أقوال متقاربة في المعنى. قيل مرتفقا. أي منزلا، وهو مروي عن ابن عباس. وقيل مقرا، وهو مروي عن عطاء. وقيل مجلسا وهو مروي عن العتبي. وقال مجاهد: مرتفقا أي مجتمعا. فهو عنده مكان الارتفاق بمعنى مرافقة بعضهم لبعض في النار.
وحاصل معنى الأقوال أن النار بئس المستقر هي، وبئس المقام هي. ويدل لهذا قوله تعالى: * (إنها سآءت مستقرا ومقاما) *، وكون أصل الارتفاق هو الاتكاء على المرفق معروف في كلام العرب، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي: إنها سآءت مستقرا ومقاما) *، وكون أصل الارتفاق هو الاتكاء على المرفق معروف في كلام العرب، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي:
* نام الخلي وبت الليل مرتفقا * كأن عيني فيها الصاب مذبوح * ويروى (وبت الليل مشتجرا) وعليه فلا شاهد في البيت. ومنه قول أعشى باهلة: ويروى (وبت الليل مشتجرا) وعليه فلا شاهد في البيت. ومنه قول أعشى باهلة:
* قد بت مرتفقا للنجم أرقبه * حيران ذا حذر لو ينفع الحذر * وقول الراجز: وقول الراجز:
* قالت له وارتفقت ألا فتى * يسوق بالقوم غزالات الضحا * وهذا الذي ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من صفات هذا الشراب، الذي يسقى به أهل النار جاء نحوه في آيات كثيرة، كقوله تعالى: * (الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون) *، وقوله تعالى: * (وسقوا مآء حميما فقطع أمعآءهم) *، وقوله تعالى: * (تسقى من عين ءانية) *، وقوله تعالى: * (يطوفون بينها وبين حميم ءان) * والحميم الآني من الماء المتناهي في الحرارة.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»