أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٢١
تقطعهم وتتجافى عنهم ولا تقربهم. وهذا المعنى معروف من كلام العرب. ومنه قول غيلان ذي الرمة: وإذا غربت تقرضهم) *. من القرض بمعنى القطيعة والصرم. أي تقطعهم وتتجافى عنهم ولا تقربهم. وهذا المعنى معروف من كلام العرب. ومنه قول غيلان ذي الرمة:
* نظرت بجرعاء السبية نظره * ضحى وسواد العين في الماء شامس * * إلى ظعن يقرضن أفواز مشرف * شمالا وعن أيمانهن الفوارس * فقوله: (يقرضن أفواز مشرف) أي يقطعنها ويبعدنها ناحية الشمال وعن أيمانهن الفوارس، وهو موضع أو رمال الدهناء. والأقواز: جمع قوز بالفتح وهو العالي من الرمل كأنه جبل. ويروى أجواز مشرف جمع جوز. من المجاز بمعنى الطريق. وهذا الذي ذكرنا هو الصواب في معنى قوله تعالى * (تقرضهم) * خلافا لمن زعم أن معنى تقرضهم: تقطعهم من ضوئها شيئا ثم يزول سريعا كالقرض يسترد. ومراد قائل هذا القول أن الشمس تميل عنهم بالغداة، وتصيبهم بالعشي إصابة خفيفة، بقدر ما يطيب لهم هواء المكان ولا يتعفن. قال أبو حيان في البحر: ولو كان من القرض الذي يعطى ثم يسترد لكان الفعل رباعيا، فتكون التاء في قوله: (تقرضهم) مضمومة، لكن دل فتح التاء من قوله (تقرضهم) على أنه من القرض بمعنى القطع، أي تقطع لهم من ضوئها شيئا، وقد علمت أن الصواب القول الأول. وقد قدمنا أن الفجوة: المتسع.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (تزاور عن كهفهم) * فيه ثلاث قراءات سبعيات:
قرأه ابن عامر الشامي (تزور) بإسكان الزاي وإسقاط الألف وتشديد الراء. على وزن تحمر، وهو على هذه القراءة من الأزورار بمعنى الميل. كقول عنترة المتقدم: * فازور من وقع القنا *. البيت وقرأه الكوفيون وهم عاصم وحمزة والكسائي بالزاي المخففة بعدها ألف. وعلى هذه القراءة فأصله (تتزاور) فحذفت منه إحدى التاءين. على حد قوله في الخلاصة: وقرأه الكوفيون وهم عاصم وحمزة والكسائي بالزاي المخففة بعدها ألف. وعلى هذه القراءة فأصله (تتزاور) فحذفت منه إحدى التاءين. على حد قوله في الخلاصة:
* وما بتاءين ابتدى قد يقتصر * فيه على تاكتبين العبر * وقرأه نافع المدني وابن كثير المكي وأبو عمرو البصري (تزاور) بتشديد الزاي بعدها ألف، وأصله (تتزاور) أدغمت فيه التاء في الزاي. وعلى هاتين القراءتين: أعني قراءة حذف إحدى التاءين، وقراءة إدغامها في الزاي فهو من التزاور بمعنى الميل أيضا.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»